الثلاثاء، 9 سبتمبر 2008

مطلوب عملية جراحية جريئة...

هذا موضوع قديم/جديد استهلك في كتابات عديدة،لكن لا بأس من الاستمرار في طرحه ما بقي الارهاب (باسم الدين) مستمرا يقطع رقاب الابرياء يغير حق سواء كانوا مسلمين أو غير ذلك. لايجب أن تعطى ذريعة للارهاب ولا مبرر ولا عذر كيفما كان؛فالارهاب يبقى ارهابا مهما لبس من طرابيش دينية أو غيرها...لكن يبقى أسوأ أنواعه هو الارهاب باسم الاسلام! فهل الاسلام حقا دين ارهاب ؟؟
كلا وألف كلا! كل ما في الأمر أن أتباع احدى النسخ المشوهة للاسلام هم من زرع هذا المفهوم المقزم للجهاد في العالم تنظيرا وسلوكا بناء على فهم معوج وشاذ <لفقهائهم>،هؤلاء الذين يفهمون النصوص من ظاهرها وليست لديهم القدرة على التمييز بين المحكم والمتشابه،ولا كيف يوفقون بين نصوص تدعو الى الجهاد في سبيل الله وأخرى تحرم قتل النفس التي حرم الله الا بالحق.هكذا اختلطت عليهم الأمور وأفتوا بالظاهر فسقطوا في المحظور...وركبوا رؤوسهم وراحوا يدمرون الحياة البشرية ويعيثون في الأرض فسادا بدون حجة...فالويل لهم ثم الويل من كل قطرة دم أراقوها بغير حق!
نعم أنا أتفق مع بعض الاخوة المعلقين هنا بأنه يجب تبرئة الاسلام من هذه التهمة الخطيرة والصاقها بأصحابها الحقيقيين ثم فضحهم وتبيان أن الاسلام منهم براء،رغم أن العامة من الناس منخدعون بهم ويتوهمون أنهم هم المجاهدون الحقيقيون قيحصل نوع من التعاطف المبني على الخديعة وعدم المعرفة الحقيقية بهؤلاء المتاجرين بالدين الحنيف.
من وجهة نظري أن المعني الأول بهكذا عملية فرز هم العلماء والباحثون الحقيقيون في الأمة،والحركات الاسلامية المعتدلة التي يخطئ بعضها عندما يدافع عن هؤلاء القتلة أمام القضاء وفي الاعلام...وكذلك عندما لا تضع هذه الحركات جدارا سميكا ا بين منهجها السلمي وسلوكها المعتدل في التعاطي مع أمور الدعوة والسياسة...وبين منهج وسلوك هذه الفئة المارقة المنحرفة؛وهنا أتذكر موقف العدالة والتنمية بعد تفجيرات البيضاء الأولى،الذي كان حرجا للغاية بسبب اتهام الحزب وكذا الحركة بأنهما مسؤولين مسؤولية على الأقل معنوية عما حدث ! ولم يكن هذا الاتهام فقط من قوى اليسار المناوئ لهم،بل من كل متتبع محايد وموضوعي لصيرورة الأحداث قبل وقوع التفجيرات.فبالفعل لم تكن هناك من امكانية لقراءة الموقف الحقيقي للعدالة والتنمية من تلك العناصر السلفية المتطرفة والتي كان فكرها ومواقفها تطل من حين لآخر على الصفحات الأولى لبعض الجرائد المستقلة وغيرها...وكاد الحزب أن يدفع الثمن غاليا بسبب هذه الضبابية في المواقف وردود الأفعال المبهمة تجاه هؤلاء المتنطعين في بلد المذهب المالكي المعتدل!
أقول لابد من فضح هذه الشرذمات المارقة الضالة على رؤوس الأشهاد وذلك قياما بالواجب الديني وتبرئة للذمة من سفاكي الدماء وقتلة النفس البشرية بغير حق. هذه على الغيورين على دين محمد (ص) أن يضعوها في صلب اهتماماتهم بل في أولويات تحركاتهم. فهؤلاء هم من يتحملون المسؤولية كاملة في صد الناس عن اعتناق الاسلام الحقيقي؛وهم الذين غرسوا في العالم هذه الصورة النمطية القبيحة عن الاسلام،بل ببشاعة وهمجية قتلهم وذبحهم للأبرياء جعلوا الكثير من المسلمين ذوي الايمان الضعيف والتصور السطحي للأمور...جعلوهم يفكرون في ترك الاسلام واعتناق ديانات أخرى! وبالتالي فان هذه الشرذمة هي نقمة على الأمة وليست نعمة كما يتصور السذج من المسلمين،هذه الشرذمة عقولها المدبرة هي بقبضة المخابرات الأجنبية،الصهيو-أمريكية بالخصوص،وبعضها في يد المخابرات المحلية لبعض الدول التي تتاجر بذلك.
ان الحل الناجع للقضاء على هذا النوع من الارهاب الديني هو-كما قال أحد المعلقين هنا_قطع شرايينه من جذورها،وهذا لن يتأتى بكلمة اعلامية أو محاضرة او مقالة صحفية هنا وأخرى هناك، رغم أن كل هذا يساهم في الحل،لكن يجب تجفيف منابعه،يجب قطع رأس الأفعى اذا رغبنا بالتخلص من سمها.مطلوب تتبع التراث الذي ينهل منه هؤلاء الخوارج وقطع دابره بالمرة؛فهذا النوع من الشذوذ لم يأت من فراغ وانما يستند لبنية عقائدية وفقهية شاذة داخل تراث الأمة،فهي بمثابة الغدة السرطانية التي يجب اقتلاعها من جذورها،ولن ينعم المسلمون بدين اسلامي معتدل صاف متسامح... الا عندما يقومون بهذه العملية الجراحية الجريئة...فهل أنتم فاعلون ؟؟؟
أما الطرف الثاني الذي عليه التصدي لهؤلاء الخوارج هي السلطات الحاكمة ان كانت فعلا تحب رعاياها ودينها المحمدي؛ونقول لها كفى من الاستغلال السياسي لبعض المذاهب الاسلامية واستعمال هذا التيار لضرب تيار آخر في عملية تفصح أن الغرض ميكيافيلي نفعي،وليس غيرة على الدين والمعتقد.المطلوب دعم حقيقي للتيارات المتنورة التي ترفض العنف بكل أشكاله،ماديا كان أو رمزيا،فرديا كان أو جماعيا...واذا كان من اختلاف أو صراع بين بعض الأطراف،فليكن بين الأفكار والطروحات...لندع الأدمغة تتصارع لا السيوف ! ولنفسح المجال للأقلام تكتب بدل أن نرى تبادلا للرماح أو للرصاص أو للقنابل! لقد أصاب الله أمتنا بما أصابها عندما أقفلت العقول وتعطلت ملكات التفكير وراح الناس يتعاركون بالسيوف وبعنف العضلات،لا بالعقل والعلم والمعرفة...لنفسح المجال اذن للتنوير ونضيق الخناق على الظلام.
تحياتي لكل قراء هيسبريس وكل عام وأنتم بخير.

ليست هناك تعليقات: