الثلاثاء، 25 مايو 2010

كيف تكون مميزا في دراستك
سوف استعرض معكم بعض الوسائل البسيطة التي سوف تعين بمشيئة الله تعالى على تحقيق النجاح باعلى الدرجات مع اقل وقت وجهد



1- كن متفائلا:

قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( تفاءلوا بالخير تجدوه))
فاذا تفاءل التاجر بالربح وجده واذا تفاءل المريض بالشفاء وجده واذا تفاءل الزراع بالحصاد الكبير وجده واذا تفاءلت بالنجاح والتفوق وجدته فكن متفائلا في حياتك.

فكر بالنجاح ولا• تفكر بالرسوب.
فكر بالسهولة ولا تفكر بالصعوبة.•
فكر بالامتياز (A ) ولا• تفكر بالمقبول ( D)


يقول جت كبرت :
نحن في الواقع ما نتخيل انفسنا به ومعنى هذا الكلام اذا تخيلت نفسك انك انسان ناحج فالنجاح حليفك والعكس صحيح اذا تخيلت نفسك انك انسان فاشل فالفشل حليفك بلا شك.

2- فكر بايجابية:

التفكير الايجابي هو بداية طريقك للنجاح ولا تفكر مطلقا بالرسوب بل فكر بالنجاح .. يقول توني بوزان:
اننا حينما نفكر بايجابية فاننا في الواقع نبرمج هذا العقل ليفكر ايجابيا دائما وابدا والتفكير الايجابي يؤدي الى الاعمال الايجابية في معظم شئون حياتنا ، لذلك:
*** برمج نفسك ايجابيا:
- لا تبرمج نفسك لتحصل على المرض ولكن برمج نفسك لتحصل على الشفاء تخيل نفسك وانت في احسن صحة وعافية ونشاط .
- لا تبرمج نفسك انك سترسب وتعيد المادة وتفشل في دراستك ولكن برمج نفسك ان تكون ناجحا في دراستك تخيل انك تحصل على اكبر تقدير.
- لا تبرمج نفسك انك غبيا لا تفهم ولا تشارك الاخرين بل برمج نفسك انك ذكيا لامعا تخيل نفسك كذلك.

ان احسن اوقات للبرمجة الايجابية او بمعنى اخر التفكير الايجابي هو مرحلة الاسترخاء الجسدي التام قبل ان تنام.

3- كون ملخصات:
ننصحك بكتابة ملخصات صغيرة والفائدة من هذه الملخصات:
1- تساعد على تركيز المادة.
2- تفهم بصورة شاملة للمادة المراد دراستها.
3- تساعدك في استحضار اهم الافكار قبل الاختبار.

4- اكتب على الهامش:
وانت تقرا من أي كتاب عود نفسك على الكتابة في هامش الكتاب هذه الكتابة قد تكون تلخيص للفكرة او تساؤلات او غير ذلك وتحقق هذه العادة الدراسية تركيز اكبر للمادة المقروءة.

5- استخدام القلم الفوسفوري:

حاول استخدامه لتحديد المعلومات المهمة كالتعاريف مثلا او النقاط التي رايت مدرس المادة ركز عليها.

6- ضع خط تحت الافكار المهمة:

البعض لربما لا يستخدم القلم الفوسفوري فبامكانه ان يضع خط تحت المعلومات المهمة.

7- ارسم دائرة:

مع استخدامك للطريقة 5- 6 بالامكان تمييز العنوان او المصطلح برسم دائرة حوله.

8- توقع الاسئلة:
وانت تقرا كتاب المقرر تعود على افتراض اسئلة متوقعة واكتبها على ورقة خارجية او على هامش الكتاب ويستحسن ان تتبادل مع احد زملائك مثل هذه الاسئلة . ان وضع الاسئلة المتوقعة سيعينك بلا شك على التركيز ثم فهم المادة بصورة اكبر.

9- استخدام البطاقات الصغيرة:
ونعني بها بطاقات الفهرسة اكتب فيها الملخصات والقوانين والتعاريف ان سهولتها تكمن في امكانية وضعها في الجيب ومن ثم استغلال اوقات الفراغ في المذاكرة واسترجاع المعلومات.

10- تدرب:
ان الدراسة النظرية التي لا يجد فيها الطالب أي تطبيق عملي سواء مع دراسته للمقرر او في حياته العملية واليومية او حتى بعد تخرجه لا يجد لها لذة في قراءتها حيث الجانب العملي التطبيقي يوضح ويركز المعلومة بحد ذاتها.
احرص على التدريب اكثر من مرة لاي مادة مطلوب فيها التدريب كحل بعض التمارين او غير ذلك من التدريبات.

11- لا ترهق نفسك:
بعض الطلبة نجده طوال الفصل الدراسي بعيدا عن المادة لا يحل التمارين ولا يحرص عليها ولا يسال مدرس المادة لا لا لا .. لا يستيقظ من نومته تلك الا قبل الاختبار بايام وهنا تنهض همته للمذاكرة والدراسة ترى وجهه التعب والاعياء ينام الا قليلا ولا ياكل الا قليلا نفسه منسدة! لمثل هذه النوعية اقول لا ترهق نفسك وكما قال صلى الله عليه وسلم : ((ان المنبت لا ارضا قطع ولا ظهرا ابقى )) أي ان الذي يحمل نفسه ما لا يطيق في جميع امور الحياة لن يصل الى الهدف الذي يرجوه ويتمناه وشبه الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الانسان بذلك الرجل الذي اراد ان يرجل من قريته فوضع متاعه على ظهر جمل وحمله ما لا يطيق بعنى زاد الوزن على ظهر الجمل المسكين الجمل سار مسافة امتار ثم مات فهذا الرجل لم يحقق هدفه وهو قطع المسافة والانتقال ( لا ارضا قطع ) ولا هو ابقى على وجود الجمل فاهلكه بكثرة المتاع على ظهره ( ولا ظهرا ابقى ) انتبه !!! لا ترهق نفسك.

12- جرب هذه الليلة:
بهذه النصيحة الغالية التي نصحنا بها العالم توني بوزان لماذا لا تبدا بالتجربة هذه الليلة؟؟؟
**** كرر العبارات التالية مع نفسك قبل خلودك للنوم
- انني اثق كبيرا بذاكرتي.
- ان المعلومات التي اقراها من الكتب الدراسية سافهمها واتذكرها بسهولة.
- ان المادة لن تكون صعبة بعد الان لانني استطيع ان ادرسها وسوف افهمها.
- غدا في الامتحان لن اكون قلقا وستكون اعصابي مرتاحة.
- انني واثق من نفسي انني سانجح بالامتياز.
:
بالامكان التركيز على العبارات المهمة كما بالامكان ان تستحدث عبارات جديدة.

13- الصق هذه العبارات:
وحتى تتعود على التفكير لايجابي اخترنا لك عبرات ايجابية التي ستساعدك بلا شك على النجاح والتوفيق باذن الله تعالى:
** قم اولا بتصوير العبارات اكثر من صورة.
** الصق الصورة في اماكن متكررة امامك بصورة يومية كموقع بارز في غرفة النوم بجوار مكتبك، عند الباب ..الخ
** عود نفسك على النظر الى هذه العبارات يوميا.

والعبارات هي:

- سانجح باذن الله تعالى.
- ساحصل على الامتياز في جميع المواد.
- سافهم.
- لا توجد مادة صعبة.
- سانهي جميع الواجبات.
- ساشارك في الحوار والنقاش.





كيف تربي لنفسك ذاكرة قوية

اولا:
ملاحظتك للشرح والفهم الكامل للدرس مع عمل الارتباطات بين اجزائه وذلك عن طريق القراءة الاجمالية مرة ومرتين.
ثانيا:
حفظ عبارات معينة واجزاء محددة مع تكرارها وهذا المفتاح لجميع اجزاء الدرس التي استطاع العقل ادراكها وفهمها.
ثالثا:
المناقشة مع الزملاء اثناء وقت الفراغ هذه ذات قيمة كبرى في مساعدة العقل على التذكر الكامل.
رابعا:
التسميع بطريقة مختلفة والمراجعة السريعة من ان لاخر.
خامسا:
التدريب على قوة الملاحظة ويمكن تحقيق ذلك عن طريق التعود على مراقبة الاشياء بذهن نشط مستفسر.


كيف تحفظ

عند قراءتك للحفظ يجب اتباع الاتي:
1- تعرف على النقط الاساسية في الدرس وضع خط تحتها وكرر قراءتها بحيث تكون مرتبطة بباقي الموضوع.
2- حفظ الرسوم التوضيحية والتدرب على رسمها مع كتابة الاجزاء على الرسم.
3- التاكد من فهم الدرس فهما تاما مع محاولة وضع اسئلة ومحاولة الاجابة عليها.
4- في المواد التي تحتاج الى دراسة طويلة مفصلة فانه يجب تجزاتها الى وحدات متماسكة بحيث تكون كل وحدة ذات معنى واضح.
5- يجب ان تؤكد لنفسك قبل البدء في الحفظ انك مصمم على تسميع ما تحفظه وبذلك تشعر بازدياد قدرتك على التركيز وسرعة الحفظ.
6- في نهاية المذاكرة اليومية وقبل النوم مباشرة استرجع ما قد حفظته وتسميع القوانين والنظريات التي درستها فان الراحة او النوم يساعدان على تثبيتها في الذاكرة.
الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية ( جستن )
كلية التربية – جامعة الملك سعود – الرياض
اللقاء السنوي الثالث عشر





أخلاقيات مهنة المعلم فى ضوء التحديات المستقبلية








الدكتوره / منال عبد الخالق جاب الله
أستاذ مساعد بقسم علم النفس
كلية التربية- جامعة الملك سعود




1427هـ-2006م








أخلاقيات مهنة المعلم فى ضوء التحديات المستقبلية
الدكتوره / منال عبد الخالق جاب الله
أستاذ مساعد بقسم علم النفس كلية التربية- جامعة الملك سعود


مقدمة:
في مجال التربية والتعليم لم يعد الأهم هو زيادة معدل الذكاء أو استثارة الدافعية أو تنمية المهارات، فهي بالأساس أمور مهمة، لكننا يجب أن نلتفت إلى قضية جد مختلفة هى : كيف نتقاسم القيم الأخلاقية ونتوقف عند اتخاذ قرار أخلاقي في مجال عملنا.

إن الافتقار إلى الأخلاقيات في عصر العولمة كارثة محدقة، وإذا لم ننتبه في مدارسنا إلى ذلك فإننا نخرج متعلمين يجيدون ممارسة كل شئ إلا كل ما هو أخلاقي.

ودراسة الأخلاقيات ليست دراسة علم من علوم الفضاء أو الخيال ، بل هي دراسة للواقع الذي يفرض نفسه بحق ، وليست دراسة لأولويات مختارة ، بل هي دراسة يجب أن تشغل الاهتمام بكامله زمانا ومكانا وتاريخا، فهي دراسة عالمية لا تحدها حدود ثقافية ولا مادية ، فالاحترام والمسئولية والعدالة والأمانة والتعاطف قيم لا يعارضها أحد بل لا يختلف عليها اثنان وإن تباعدت لغاتهم ومعارفهم وإمكاناتهم الاقتصادية وطموحاتهم المستقبلية وحتى عقيدتهم الدينية.

وحركة التربية المعاصرة بما تتخذه من استراتيجيات وتوجهات، وبما ترنو إليه من توقعات وآفاق، لتؤكد أن مجال التربية ميدان إبداع بقدر ما هو ميدان تحد واختبار، يضع إنسانية المرء على المحك وأخلاقياته كذلك .

ويشهد للعاملين في مجال التربية بتاريخ طويل من الولاء لأهدافهم والإخلاص في جهودهم التى تحقق جزءا كبيرا من آمال البلاد والمجتمعات ، كما أن الجيل الصاعد من هؤلاء العاملين يواجهون تحديات ومخاطر عدة تستلزم تركيز الجهد والتكاتف حتى تكون عمومية الأخلاقيات والقيم مسئوليتنا جميعا: مسئولية كل فرد يعمل فى مجال التربية .

وعندما نختبر أخلاقيات العاملين في مجال التربية فليس معنى ذلك أنها موضع شك ، بل إن التاريخ الطويل لهم يشير إلى حوادث فردية لا يمكن اعتبارها ظاهرة عامة تناقش في إطارها أخلاقيات المجال، كما أن الثابت أن أقل من 1% من العاملين في مجال التربية ينخرط فى سلوكيات مخالفة أخلاقيا مقابل 6% من غيرهم من الأفراد فى مجالات أخرى ، ولكننا نعيش اليوم عالما تتسارع فيه الأمور، ومن سنوات قليلة لم يكن هناك داع لإثارة مثل هذا النقاش أو طرحه كموضوع للدراسة، لكن التصدي بشكل عام لكل ما هو لا أخلاقي ولا مهني هو الدافع لهذه الدراسة ، فبعض نماذج السلوك التى تنتهك الدساتير الأخلاقية تترك انعكاساتها السالبة على تقدير المجال ومكانة من يعمل به وقدرهم فى عيون الآخرين، رغم أن تجاوز أخلاقيات المهنة موجود لدى كل أرباب المهن.

كما أن إيمان الباحثين بقدسية المجال وسمو أهداف العاملين به هو دافع أسمى إلى إجراء مثل هذه الدراسات والبحوث ، فالتربية بشكل عام تتطلب الالتزام بمحددات ودساتير ولوائح قيمة ينطلق منها العاملون فى ممارستهم المختلفة، وفى إطار التقدم الهائل فى مجالات التطبيق فإنها – أى التربية- أحوج ما تكون إلى تلك المحددات التي تدعم صواب ما يقرره وما يفعله كل فرد عامل بها.

وقد قامت الجمعية الوطنية للتربية فى الأول من يوليو (1929) بتحديد أخلاقيات المهنة وقيمها وصنفت المخالفات السلوكية فى مجموعتين:

المجموعة الأولى وتشتمل على مخالفات غير لائقة وغير ملائمة لكنها ليست خارقة للأخلاقيات وتحتاج إلى مجرد إسداء النصح والإرشاد ، أو حتى التحذير من الجمعية لمن يرتكبها .
المجموعة الثانية وهى تشمل ما يعد بالفعل لا أخلاقيا.

ويمكن بلورة التساؤلات التي تطرحها ورقة العمل الحالية كما يلى:
ماهى درجة وعى أدراك العاملين فى مجال التربية بمنطلقات ومصادر السلوك الأخلاقي ؟
هل يمتلك العاملون فى مجال التربية الشجاعة الأخلاقية اللازمة للالتزام بهذا السلوك الأخلاقي والتحلى بممارساته؟
هل هناك فجوة بين درجة الوعي والإدراك وبين الممارسة الفعلية وواقع العمل؟
ماهى التحديات المستقبلية ونقاط الضوء المحددة التي تتطلع إلى ما ينبغى أن يكون؟

وقد تكون هناك كتابات وأطر نظرية عديدة تعرض للموضوع لكن الواقع يشير إلى نقص – فى حدود علم الباحثة- فى الدراسات التى تستطلع واقع الحال وتقيمه إزاء هذا الموضوع.

وتتمثل أهمية الورقة الحالية فى مناقشة أخلاقيات العمل فى مجال التربية وهو الموضوع الذي شغل أذهان المفكرين طويلا من غير أن يكون بمقدورهم حمل الجميع على تبنى الأخلاقيات والمبادئ والالتزام بها، مستهدفة اجتذاب العناصر التى لها اهتمام بالمجال وتحقير الفكر إلى مناقشة قضية أخلاقية مهنية تدعو إلى اختبار كل سلوك وجعله موضع استبصار ، دون تسليم مطلق أو قبول سلبي لأى قاعدة تحكم مسار العمل من غير تأمل وإعمال ضمير ، مع مراعاة ما تفرضه التحديات المستقبلية متمثلة فى تيار العولمة الجارف، والتقنية الحديثة، والتقدم العلمي والانفجار المعرفي، ... من التزامات.

كما تختتم بعدد من التوصيات على المستوى البحثي النظري وكذا على المستوى التطبيقي الميداني والمستخلصة من العرض النظري ونتائج الدراسات والبحوث السابقة وكذا تجارب المعلمين الفعلية.


منذ الثمانينات من القرن الماضي تغيرت المجتمعات وتغيرت الأوضاع فى الأسر وانشغل الوالدان بصورة غير محددة، وفى المدارس أصبحت مواجهة المسئوليات عملية تصدم القائمين بها، فهل بالإمكان القول بأننا نواجه اليوم جيلا بأكمله لم تتأصل لديه الأخلاقيات التى يجب أن تكون موضع اختبار، وكيف يسلك العاملون فى مجال التربية إزاء مواقف الصراع والأزمات الأخلاقية التى تتفجر فى مواقف التعامل مع المحيطين بهم، سواء الأسر أو الزملاء أو المجتمع الكبير،.....وتستلزم منهم التمسك بأخلاقيات محددة منها: الشجاعة، الإخلاص، العدالة،........
وفى التسعينات من القرن الماضي ناقشت دراسات عدة منها دراسة سوكيت Socket (1993)، أوسر Oser(1994)، كولينرود Colenrud(1997)، وتيرى Tirri
(1999) أخلاقيات العمل فى مجال التربية فى إطار مناقشة أكثر عمقا لأخلاقيات المهنة قاصدين بها نقطة الارتداد عند مواجهة مواقف الأزمات أثناء الممارسة المهنية فى إطار عملية دينامية يتم من خلالها تأسيس وفهم المعاني المرتبطة بالتفاعلات الاجتماعية إزاء مواقف الممارسة العملية اليومية . (Kirsi,1999: 1)

وفى إطار تحديد نسق أخلاقي أو لائحة مهنية تحكم العمل فى مجال التربية يتحتم أن تكون هناك وجهتان أساسيتان:

الوعي المتزايد بالأبعاد والمسئوليات الأخلاقية فى إطار هذا المجال ودور هذا الوعي أو انعكاسه على تطوير الممارسة الفعلية.

الأهمية المطلقة لوجود هذا النسق الأخلاقي بغض النظر عن الوعى أو عدم الوعي بالأخلاقيات المحددة لما لهذا الوجود من دور فى تحديد معالم واضحة لممارسات عملية فى أرض الواقع. ( Campell,2000:203)

وفى تساؤل مبكر يقول ستيفنس Stephens (1985) :" هل تتم عملية التربية بما تشتمل عليه من تفاعلات وأشكال للتواصل على أنها عملية تلقائية تحدث بالفطرة من غير احتياج إلى دستور أخلاقي يحدد مسارها ؟" وفى إجابة ملفتة يقول ستيفنس:" فى غياب دساتير ولوائح أخلاقية محددة تحكم العمل يلتجأ العاملون فى مجال التربية إلى ممارسات واقعية يحتكمون فيها إلى ما هو سائد فى المجتمع من قيم، والتى لا تشبع احتياجاتهم كمتخصصين ، وقد يجعل ذلك بالإمكان أو من المحتمل أن تبرز إلى الساحة اجتهادات فردية أو محاولات من قبيل الصواب والخطأ، وهو ما لا تحمد عقباه فى كثير من الأحيان. (Stephens,1985:187)

أما كيدر وميركKidder& Mirk (2004) فيوجهان سؤالا من المهم أن يطرحه كل فرد على نفسه:" هل يجب أن نحرص على أن نكون لائقين أخلاقيا مثلما نحرص على أن نكون لائقين صحيا؟" ويستعرضان للإجابة عن هذا السؤال نقاطا هامة يجب الالتفات إليها وعلى رأسها درجة وعى الفرد بالقضايا الأخلاقية فى مواقف الحياة العامة وفى مجال المهنة، وأهمية هذا الوعى للنهوض بالقيم والالتزام بها، وهل تجد هذه القيم طريقها للتطبيق العملي أم هى مجرد أبواق لإصدار الشعارات، وهل هي قيم متسقة أم متصارعة ، وليس من اليسير تطبيقها، وقد تدفعك واحدة فى طريق وتجذبك الأخرى إلى ثان، وبخاصة فى مثل هذا المجال ، وما هى أهمية وجود لغة وأدوات خاصة ومحددة. (Kidder& Mirk,2004:1)

إن التربية يجب أن تكون قادرة بأدبياتها ومؤسساتها على إلقاء الضوء والتأكيد على أهمية السلوك الأخلاقى المهنى ضمانا لاستمرار قدرة العاملين فى المجال على دعم مؤسساتهم وتفعيل دورها فى ظل أزمات اقتصادية أو ظروف محلية معوقة، أو حملات هجوم مغرضة، أو إسهامات تمويلية قد تسبب الحرج والحساسية فى التعامل معها، والأمر - فى رأى الباحثة- ليس دعوة إلى وصفة طبية أو صيغة مسبقة التحديد، وليس دعوة إلى تبرير فلسفى لمبادىء متضمنة بقدر ما هو علامة على مزيد من النضج والتقدم فى مجال يعد صالح الفرد فيه أفضل ناتج لوجود وتطبيق السلوك الأخلاقى ، وبخاصة فى مواقف اتخاذ القرار فى مواجهة الآباء والزملاء ومواقف الأزمة والصراع والاضطراب وقلب الأحوال وتبديل الصواب والخطأ، مع مراعاة المساواة والعدالة فى تطبيق المبادىء والأخلاقيات بصدق وشجاعة والتزام.

ومن منطلق الإنصاف تعتقد الباحثة أن أفضل تصوير لواقع أخلاقيات العمل فى مجال التربية يقتضى السؤال عن الفلسفة والدوافع الخاصة للعاملين بها والتى تمتد وتتأرجح وتتنوع بين إيثارية غيرية انسانية على أحد طرفى المتصل إلى ذاتية شخصية على الطرف الآخر ، إضافة إلى وجود البعض ممن ليس بإمكانهم بأى حال تحديد دوافعهم الحقيقية وراء عملهم فى مجال التربية، وإذا سألت أحدهم : لماذا تعمل فى مهنة المعلم حقيقة، وهل تعرف أنك يجب أن تكون أكثر التزاما من غيرك من العاملين فى أى مهنة أخرى؟ فليس من الغريب ألا يستطيع بوضوح تقديم الرد، والحقيقة أن العمل فى مجال التربية يعكس مبادىء ودوافع مهنية بعضها ملائم وبعضها غير ملائم ، والجمع بينهما أو مجموعها معا هو الذى يشكل واقع أخلاقيات العمل فى المجال.

ويلخص كيلي Kelly( 1980) هذه الدوافع منتقدا التضمينات الأخلاقية المتضمنة فيها كما يلى:
دافع إنساني إيثاري تختلف قوته من فرد إلى آخر، ومنه يستمد البعض معنى حياته وغاية بذله، ويكون متضمنا فى كل جهد يبذله طواعية وبكل إخلاص، فهى مسألة" ضمير وإيمان"، وليس واجبا أن يكون لذلك تفسير واضح، وهناك آخرون يعد هذا الدافع بالنسبة لهم ثانويا ولايحظى باعتبار ذى معنى، إذ أن هناك دوافع أخرى تحركهم ، ويؤكد واقع الحال أن المتعلمين ينقصهم الكثير إذا كان القائم على تعليمهم تنقصه شخصيا دوافع من نوع الدوافع الإيثارية.

دافع تحركه الضرورة الاقتصادية فرغم تناقص فرص العمل فى كثير من المجالات إلا أن مجال التربية مايزال أكثر المجالات تلمسا للمتخصصين فيه والراغبين فى العمل، وهنا يفرض الاحتياج المادى نفسه ، وقد يكون هذا الدافع مقنعا أو ثانويا لكنه لا يخفى وإن ظل التصريح به غير متسق مع قدسية عمل المعلم.

دافع معرفى تستثيره طبيعة المجال بما تشتمل عليه من حقائق ومعارف تجتذب المهتمين بالبحث والمعرفة والدراسة والتعرف على السلوك الانسانى وفهم مشكلات الانسانية بوجه عام ، وهو دافع يؤسس على أرضية علمية لكنه مكمل للدافع الانسانى بشكل عام.

دافع يحركه شعور البعض بأنهم لا يملكون المهارة اللازمة لممارسة مهنة معينة، وأن العمل بالتدريس لا يتطلب ذات المهارة ولا يفرض عليهم متطلبات تعرض امكاناتهم للاختبار والتقييم بنفس الدرجة كما فى أى مجال آخر، وهم الذين تعوزهم مهارات تدريبية مميزة وقد يتقاعدون مبكرا، وإن استمروا فى العمل فإنهم يصبحون عرضة للاضطراب ومواجهة الأزمات ، ولحسن الحظ أن قلة هم الذين يسلكون وفق هذا الاعتقاد،والأكيد أن الجميع يعرف أن واقع الحال يقرر عكس هذا الاعتقاد.

دافع والدى يتيح مجالا لممارسة أبوية لايمكن إشباعها لأسباب مختلفة على مستوى الحياة الشخصية.

ويشير ييمانYeaman(2005) إلى دور المعتقدات الدينية كأصول ثابتة تنطلق منها أخلاقيات المهنة، ويظل لها فى ذات الوقت بعد ثقافى اجتماعى يفسح المجال لتنويعات تتجاوز الدساتير واللوائح وتضع فى الاعتبار الآخر الذى يتعامل معه صاحب المهنة. (Yeaman,2005:14)

وتلفت كامبل Campell (2000) اهتمامنا إلى أنه عندما تكون الأخلاقيات موضوع نقاش يكون السؤال الأبرز هو: هل هى أخلاقيات عامة وموضوعية أم ذاتية وشخصية؟وهل هى أخلاقيات مطلقة أم نسبية؟ وهل هى محددة غير قابلة للنقاش والجدل مهما اختلفت الآراء والمشاعر تجاهها، وقد يرد مجيب: الأخلاقيات ليست مسألة خاضعة للنقاش أو الجدل ، ويذهب آخر إلى طرف نقيض فيرد قائلا: لاشىء فى هذه الدنيا صواب أو خطأ فى حد ذاته وإنما الأمور جميعها نسبية، لكن علماء التربية والمتخصصين فى أدبيات المجال يجمعون على أن مسألة النسبية أو الذاتية غير واردة مطلقا فى إطار تحديد أخلاقيات مهنة المعلم، وقد التقت آراء ستريك وسولتيس
Strike & Soltis (1985، 1992)، واتراسWatras (1986)، هولمزHolmes (1992)، بريكرBricker(1993)، وهاينزHaynes(1998) على أن ذلك لا يحول دون وجود تفسيرات شخصية وشروح ووجهات نظر يعرضها أصحابها لكنها لا تضع المبدأ الأخلاقى موضع اختبار، وعلى أنه برغم ما قد يواجه المعلم من صراع أخلاقى أو تشتت مبادىء فإن مثل هذا المعلم لا ينبغى له مطلقا أن يسلك على نحو مخالف لما هو مقتنع به، أو ما من شأنه أن يضرب شعوره بالتكامل الشخصى، وهذا الرأى قد يفسح مجالا للنسبية أو الذاتية لتفرض نفسها ، إلا أنه بذات الوقت يحترم الفروق الفردية ليس إلا ، ويؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المعلم ليس حرا ليسلك كما يشاء طالما قبل أن يكون تربويا مهنيا وملتزما بأخلاقيات المهنة.

إن وعى المعلم وادراكه للأخلاقيات التى تحكم ممارسته هو شغله الشاغل فى قلبه وخلفية تفكيره، وهويزاول مهنته بصورة تلقائية طبيعية ، وإن لم يحركه الانشغال بما هو صواب أو خطأ فلأن ذلك قضية قد سبق وأن ترسخت فى ذهنه وأصبح مسلما الالتزام بها.

هى أخلاقيات مهنية إذن وليست أخلاقيات فرد أو آخر، وهى أخلاقيات متضمنة فى واقع الممارسة الفعلية ونابعة منها، غير أن وجود لائحة أو دستور أخلاقى محدد يضمن وجود الآلية أو الميكانيزم الفعال لتحقيق الاتساق الداخلى والنظام العام، وكذا التطور المهنى بدلا من الجمود ومقاومة الحركة ، حيث المصدر الحى المتجدد لمواجهة ما يستجد من أزمات ومواقف صراع وتوترات تفرض نفسها على العلاقات والممارسات وتزعزع يقين العاملين بشأن ما يجب عليهم القيام به فى اتجاه مهنى مقبول.

والتحدى الحقيقى هو أن تجد الأخلاقيات والمبادىء طريقها للتطبيق العملى ولا تكون مجرد أبواق لإصدار الشعارات، وأن تستخدم فى مواقف الحياة اليومية لتيسير سبل التعامل والتواصل، وتحسين جودة الأداء الأكاديمى وخدمة أهداف المجتمعات.
وفى إطار ما تطرحه ورقة العمل الحالية من تساؤل ننتقل إلى محاولة الوقوف على الفجوة القائمة بين ما أبرزناه من وعى وادراك عميقين لدى المعلم بأخلاقيات مهنته وبين واقع الحال ، حيث مواقف العمل لا نهائية وأشكال التفاعل والعلاقات غير متوقعة ولا يمكن ضبطها، وحيث أنه ليس من السهل على الجميع ترجمة المبادىء الأخلاقية كما تنص عليها اللوائح إلى مسالك فعلية فى موقف مهنى حياتى ، وحيث أبرز تحديات العمل المهنى إيجاد الصلة بين ما هو نظرى تقريرى وبين ما هو عملى تطبيقى.

ويلقى واين وأبيل Wayne & Apple (2004) الضوء على التطور الأبرز فى مجال أدبيات التربية ، وهو الاهتمام بما يعرف ب" البيداجوجيا" Pedagogy أى علم أصول التدريس ، الذى يركز بشكل كبير على محاولات الربط بين ما هو نظرى وبين الممارسة العملية للمهنة على أرض الواقع، وهى المحاولات التى يشير إليها بيجلو وبيترسون Bigelow& Peterson فى كتابهما :" التدريس من أجل العدالة فى عالم غير عادل" Teaching For Justice in an Unjust World ، والذى يفسر العولمة كظاهرة فى الممارسة التربوية تجعل من المحاولات السابق الاشارة إليها مهمة صعبة وتؤكد فى ذات الوقت على أهميتها كمصدر محدد لطبيعة وشكل الممارسات الفعلية على مستوى تفاعلات الحياة اليومية فى الفصل الدراسى. (Wayne&Apple,2004:784)

ويتساءل كيدر وميرك Kidder & Mirk (2004) :" ماذا عن الشجاعة الأخلاقية المطلوبة، وهل مجرد المعرفة بما هو أخلاقى يكفى، أم أن الأمر يستلزم قوة داخلية وشجاعة وظروفا مواتية، ومقاومة ضد أخرى مناوئة ؟" ........ فأهم ما يجب أن نلتفت إليه أن القيم ذاتها قد تتصارع ، فلا يكون من اليسير تطبيقها، وقد تدفع واحدة المرء فى طريق وتجذبه الأخرى إلى ثان، وكيف يسلك المعلم إن اضطر إلى إخفاء حقيقة أو ادعاء ماهو غير ذلك، وماذا عن اللغة الخاصة والأدوات المحددة، وماذا عن عناصر المنافسة، وماذا عن وسائل جمع المعلومات فى المجالات العلمية المختلفة ، وماذا عن أخلاقيات الاكتشافات والتجريب والتطبيق العملى، وهل يمكن أن نتجاهل حقيقة أن المرء يتعلم تحمل المسئولية عندما تسنح له الفرصة لتحملها، وأن الالتزام الحق هو الالتزام بما ليس اجباريا الالتزام به، فهناك فارق بين أن تكون صاحب أخلاق وأن تكون ملتزما بالقانون.

ويتساءل كومبس Coombs (1998) : هل نحن على الطريق الصحيح ؟ ويشير إلى اهتمام فلاسفة التربية وعلمائها بأخلاقيات التربية رغم كونه اهتماما لا يأتى فى المقام الأول، وبخلاف الأخلاقيات فى مجال الطب أو الاقتصاد، .... والتى قد تضر بها تغيرات تقنية أو حتى تعديات اقتصادية، فإن أخلاقيات التربية تفرض على القائمين على المجال التركيز عليها والاهتمام بها لأهداف وأغراض جد مختلفة، وأيا كان مدخل من ينطلق للاهتمام بهذه الأخلاقيات ، فالأهداف مشتركة ، وتتمثل فى صياغة نظرية أخلاقية تشتمل على مبادىء ومحددات قيمية ، وعلى مقترحات تطويرية تسهم فى حل مواقف الصراع الفعلية. (Coombs,1998:555)

وأن تسلك سلوكا أخلاقيا معناه أن تسلك وفقا لمبادىء عادلة، أهمها على الإطلاق فى رأى كومبس : احترام الآخرين، وهو مبدأ له متطلبات مترتبة أولها اعتبار وجهات الآخرين والمساواة بينهم، ورغم ذلك يشير الواقع إلى اختلاف مستويات الالتزام والولاء ودرجة التمسك بهذا المبدأ، وبالتالى تختلف احتمالات تطبيقه والعمل به، وذلك رغم وجود صياغة محددة وواضحة جدا له، فوجود مثل هذه الصياغات المحددة للمبادىء الأخلاقية هو خطوة على الطريق لكنها تترك الباب مفتوحا لممارسات جد متنوعة تحتمها مواقف مختلفة، وعليه فإن أى جهد يبذل فى هذا السياق ينبغى أن يتم فى إطار ما أشار إليه تشولت وكوتشرين Schulte & Cochrane بأن يتم تحليل وحل المشكلات الأخلاقية فى مراعاة للالتزامات الواجب أخذها فى الاعتبار ودرجة صمودها فى مواجهة مشكلة ما ، وكذا فى إمكانية فتح المجال لمبادرات تستلهم أحكاما ذات تبريرات مقبولة لأنها فى حقيقة الأمر لا تتجاوز ما اتفق عليه من مبادىء وأسس.

ورغم أن تشولت وكوتشرين ليس لديهما الكثير ليدليا به بصدد كيفية إتمام هذه المبادرات ، والتى لا يحتم القيام بها إلا كون الموقف الذى يواجه الفرد يثير إشكالية ما بصدد تطبيق ومراعاة المبدأ الأخلاقى ، فالمبدأ الأخلاقى ذاته لا ينبىء الفرد المنشغل به ما إذا كان بإمكانه أن يسلك على هذا النحو أو ذاك، وإنما هى حالات نسبية موقفية، يفسرها هذا الفرد أو غيره ويعيد صياغتها وتشكيلها ويحدد أساليب مواجهتها والتصدى لها، وهنا يحدد تشولت وكوتشرين قائمة بمهام ينبغى الالتزام بها :
1- تحديد استجابات بديلة ومعرفة تضميناتها وما قد يترتب عليها.
2- جمع المعلومات التى تسهم فى صياغة هذه الاستجابات.
3- الاستقرار على مبدأ أخلاقى موجه.
4- التأكد من صلاحية ما يقدم من تفسيرات وتبريرات للعمل وفق هذا المبدأ.

وقد حرص تشولت وكوتشرين ألا يبدو الأمر وكأنه نصيحة مقدمة، وهما يدركان أن أصعب المهام هو الاستقرار إلى قناعة بأن هذا المبدأ أو ذاك ، بهذه المبررات وتلك هو الأنسب لهذا الموقف بعينه وصولا إلى سياق جديد، ينبثق تلقائيا من محددات ومتغيرات وعلاقات تفرض نفسها، ويجمع سترايك ، هولر وسولتيس Strike,Holler,& Soltis على أن هناك امكانية لتطوير قدرة الأفراد على إعمال العقل والمنطق إزاء الأحكام الأخلاقية ، وأن ذلك يمكن أن يتم كما يلى:
1- مواجهة الموقف الذى يحتم اتخاذ قرار أخلاقى.
2- صياغة أو تحديد المبدأ الأخلاقى الذى يتضمن تبريرا للقرار الذى تم اتخاذه .
3- اختبار فاعلية المبدأ الأخلاقى بتحديد ما يترتب على ما اتخذ من قرارات.

وفى رأيهم أن هذه الخطوات تؤسس لنظرية أخلاقية لا تختلف عن النظرية العلمية، حتى وإن كنا نتصدى لقضايا جدلية خلافية ليست كقضايا العلم التى يتيسر الحكم فيها ومعالجتها ، وأن ذلك يتطلب مهارة ينبغى تنميتها بالممارسة.

إن على المعلم أن يقبل حقيقة كونه نموذجا أخلاقيا يحتذى به على مدار الساعة يوميا، ويجب أن تكون لديه القدرة على تبرير سلوكه وإيضاح القيم التى تدعمه، سواء مع طلابه أو مع أولياء أمورهم أو مع المجتمع ككل، وأن يتذكر دائما أن تربية فرد واحد قد تصنع فرقا على مستوى المجتمع ككل، وأن النجاح فى ذلك ليس سهلا ولا يمكن أن يتم عفويا ومن غير ضوابط، والثقة عندئذ قاعدة أساسية فى التعامل والحوار تجعل كل شىء ممكنا ومقبولا ، فهى مسألة ضمير أن تعمل وتسلك، بل أن تفكر وتحلم وأن تتواصل، وكل فرد هو كيان قيمى فى حد ذاته، منه تنبع وتنطلق القيم وبه تطبق وترسخ، كما أن لكل قرار أخلاقى مبرراته استنادا إلى مبدأ أو دستور أو لائحة.

وتحدد كامبل Campel (2000) عناصر ستة يرتبط بها المعلم خلال عمله هى:
1- ذاته التى بين جنبيه والتى تنطوى على شعوره بالتكامل والاستقلالية والتميز فى العلاقات مع الآخرين.
2- الطلاب كأفراد وكجماعات يمثلون مركز الاهتمام الأولى ومحل المسئولية الأساسية.
3- غيره من المعلمين كأفراد وكجماعات عليه باتجاههم واجب الانتماء والولاء ، والذى لا يختبر إلا فى مواقف فعلية يحدث فيها التصادم أو الصراع أو تناقض الآراء.
4- إدارة المدرسة متمثلة فى مديرها وإدارييها.
5- الآباء وأولياء الأمور.
6- المجتمع الخارجى.

وهى عناصر تفرض على المعلم مهام وواجبات تتصارع فى حد ذاتها ولا تتكامل فى كل الأحوال، فقد يضطر إلى الانتصار لأحد الأطراف على حساب الآخر، وعدم الاتساق هذا قد يفرض نفسه على المعلم الذى يلتزم التزاما صارما بمبدأ محدد ولا يكون مرنا متفهما يطوع القاعدة الأخلاقية من غير أن يكسرها.

وتضيف كامبل :" أغلب مواقف الصراع بين المعلم والعناصر السابقة تكون مع أولياء الأمور ، حيث الخلاف حول اسهامات الآباء فى خدمة العملية التعليمية وتطورها، وأحقيتهم فى اتخاذ قرارات فردية بخصوص أبنائهم دون الرجوع إلى المعلم ، ودرجة شجاعة المعلم كفضيلة أخلاقية لمواجهة الآباء وارشادهم إلى فعل ما يجب فعله، أما عندما يسلك أحد الزملاء على نحو غير أخلاقى أو غير انسانى ، سواء كان ذلك معنويا أو ماديا أو فيه اساءة بشكل أو آخرتجاه أحد الطلاب، أو عندما تناقش قضايا تفعيل السلطة والاشراف وأسبقية الخبرة والتدرج الوظيفى، فيلزم أن يكون المعلم مباشرا وصريحا ، موجها وحياديا، وذلك لأن الصراع هنا هو أصعب أشكال الصراع وأكثرها خطورة وعرضة للتفاقم، وغالبا ما يبقى دون مواجهة أو دون حل ، أما مواقف الصراع التى تستلزم من المعلم مواجهة المجتمع ككل فهى تتعلق بالفلسفة التربوية السائدة فى المجتمع."

وقدمت كامبل Campell(2001) (2003) مقالين تستعرض فى كل منهما قضايا مفاهيمية وعملية فيما يتعلق بالأسس الأخلاقية والقيمية فى مهنة المعلم، وقد ركزت خاصة على قابلية هذه الأسس للتطبيق ، وناقشت درجة الولاء والالتزام واستدخال المعايير ، متفقة مع كومبس ( 1998) فى كون ذلك قضية تختلف تمام الاختلاف عن حتمية وجود صياغة محددة لتلك الأسس فى صورة لوائح ودساتير. (Campell,2001:395) (Campell,2003: 25)
وفى مقال ثالث العام (2004) تركز كامبل على ما يتصل بدور المعلم كنموذج ومثال للاحتذاء بتوجهاته إزاء معايير الصواب والخطأ ، فى محاولة للدمج بين الأدبيات النظرية والدراسات العملية وصولا إلى تلك النماذج التى يأمل المعلم توصيلها وتعليمها لطلابه ، والتى تكون بالفعل هى الحاكمة لكل سلوكه. ( Campell,2004:409)

ويتفق هوسو Husu (2001) ، وكوريا Correa(2003) مع كامبل فى لفت الانتباه إلى التنويعات التى تجب مراعاتها فى علاقة المعلم بطلابه ، والأخلاقيات التى تحكم هذه العلاقة، حيث من أهم أخلاقيات المهنة الأخذ فى الاعتبار ما لدى كل متعلم من قدرات ذاتية وامكانات وتوجهات. (Husu,2001:67) (Correa,2003:249)

ويعتقد هوسو Husu (2004) أن الأطر الفلسفية والدراسات العملية التجريبية لم تتفقا بصورة مقنعة لتقديم مزيد من الفهم لأخلاقيات مهنة المعلم وممارساتها الواقعية، ويأمل أن يتم دمج هذه الأطر للاسهام فى مزيد من إلقاء الضوء على هذا الجانب المهم فى العملية التعليمية ، حيث الممارسات اليومية بتفاصيلها وجزئياتها يمكن أن تضيف إسهاما جديرا فى إطار فهم هذه الأخلاقيات والمبادىء : أهدافها، ضرورياتها، وتفسيراتها المتنوعة ، جنبا إلى جنب مع أخلاقيات الصواب ومعايير الواجب ومعانى الارادة والولاء والالتزام ، وسبل ترجمة كل ذلك إلى واقع العمل التربوى ودور المعلم بصفة خاصة إزاء ذلك. ( Husu,2004: 123)

وتحت عنوان : " تربية المعلم فى إطار العولمة : وجهات نظر متناقضة، توجهات حديثة ، وتطويرات مواكبة" يشير يونج Young(1998) إلى ما تفرضه التحديات المستقبلية من ضغوط لا يمكن تجاهلها ، وتحتم الأخذ بسياسة التحديث المرن كما أوصى بها جيدنز Giddens(1994) وذلك فيما يتعلق بمجالات تربوية ثلاث هى : النظم التربوية، المداخل التربوية ، والإعداد المهنى للمعلم، وصولا إلى مفهوم جديد للتعلم، وآخر يتصل بإعداد وتنمية المعلم، وآخر يتناول الدور الذى تتقاسمه مؤسسات التربية مع المجتمعات التى تتواجد فيها إزاء مواجهة التحديات المستقبلية السابق الإشارة إليها، وأخيرا تحديد مفهوم جديد لعملية التقويم والقائمين بها. (Young,1998:51)

ولقد بدأت هذه التحديات المستقبلية تعلن عن نفسها فى ظل مجموعة اجراءات اقتصادية متحررة تفرضها مجتمعات سبق واتخذت كافة الاجراءات الوقائية لحماية ودعم وفرض سيطرتها وهيمنتها العالمية ، وهى مجتمعات تعتبر التربية والتعليم استثمارا اقتصاديا ولا تعول كثيرا على نواتجه الاجتماعية أو الثقافية.

كما أصبحت العولمة سوقا عالمية ليس بالإمكان اختيار عدم ارتيادها ، فتحت أبوابها منذ السبعينات وفرضت ضرورة ظهور تقنيات حديثة للانفتاح والتواصل، وردود فعل اتجهت بقوة نحو التحالف والتجمع لمواجهة محاولات إعادة توزيع الثروات والسيطرة عليها، وباتت حركات التحديث تطال مختلف المجالات سعيا إلى تقدم علمى وتطور تقنى يواكب انفجار المعارف وسباق المعلومات ، وفى مجال التربية أصبح محتما إعادة بناء وصياغة أسس جديدة فى إعداد وتدريب وتنمية كل عضو عامل وبخاصة المعلم ، والتخلى عن اتجاهات محافظة إلى أخرى حديثة متطورة تضع العاملين فى مجال التربية على قدم وساق مع كل تطور يمثل فى حد ذاته تحديا مستقبليا، وتبدلت النظرة إلى المهنة ككل، إلى التدريب فى مرحلة الإعداد، والتدريب أثناء الخدمة، وإلى أخلاقيات المهنة والمبادىء التى تحكم ممارساتها.

وللعولمة كما يذكر فورست Forest (2002) تأثيراتها القوية المتزايدة على مدى واسع من نشاطات المرء السياسية والاجتماعية والثقافية ، وفى مجال التعليم تفرض العولمة تحديات واهتمامات متنوعة تحتم الالتفات إلى برامج مواجهة متطلبات الانفجار المعرفى وتقنياته الحديثة . (Forest,2002:435)

ويلح كيلى Kelly (2004) بالأهمية على متطلب جديد فى برامج إعداد المعلمين يركز على ملاحقة التغيرات العالمية فى إطار لائحة أخلاقية تحدد علاقة المعلم بطلابه وبالعالم كله من حوله. (Kelly,2004:219)

ويعبر روبرتس هولمز Roberts Holmes(2003) عن قلقه إزاء الهوية المهنية لدى المعلم ، صاحب المهنة المقدسة الذى كثيرا ما يشعر بالاغتراب والازدواجية أثناء ممارسته لمهنته، ويشير إلى أبعاد ثلاثة لهذه الهوية حددها بولارد وآخرون Pollard etal., (1994) هى :


الالتزام التعبيرى اللفظى.
الإجرائية العملية.
الاغتراب. (Roberts Holmes,2003: 35)
إلا أن جاليجو وآخرين Gallego etal., (2001) لا يخبر ذات القلق وفى رأيه أن المعرفة والدراية والخبرة ذات العلاقة بالذات وبالآخر ، بالمنهج ومحتواه وتعليماته، بالأخلاقيات والمبادىء والأسس التى تحكم ممارسة المهنة ، كل ذلك كفيل بحماية هوية المعلم المهنية فى مواجهة تيار العولمة الجارف، وضرورى بل أساسى إذا كان لأى تطور أو حركة مواكبة أن تؤتى ثمارها. (Gallego etal.,2001: 240)


البحوث والدراسات السابقة:
يعرض هوو وميرامونتز Howe & Miramontes(1992) فى دراستهما لمدخل يركز على القضايا الأخلاقية التى تحكم العمل فى مجال التربية ، ويركزان على الانطلاقة الفلسفية التى تحدد الأخلاقيات والقيم والمبادىء الحاكمة للعمل التربوى والنظريات التى تأسست عليها، ويناقشان الضغوط والظروف والاحتياجات المجتمعية والمؤسساتية وتأثيرها على هذا المجال، ودور المعلم فى التفضيل والموازنة بينها، ومكانة الوالدين ودورهما كمصدر للضغوط ، كما يلخصان اللائحة الأخلاقية المهنية ودورها فى تفعيل أخلاقيات العمل واستثمار الجهود المبذولة فى إطاره.

ويشير ديجمولر Diegmueller (1996) إلى التقرير الصادر عن الجمعية الأمريكية لمديرى المدارس والداعى إلى مناخ مدرسى مهىء للقرن الحادى والعشرين : مناخ يدعم الأخلاقيات ويحفز على بذل الجهد فى مواجهة زحف تكنولوجى ممتد تجب مواجهته والتسلح له، ويصف ديجمولر التقرير بأنه عودة إلى المستقبل: Back to the Future ، ونتاج مسح تربوى للقاءات ومقابلات مع (55) من رجال التربية والقادة والمديرين، ويذكر أن الجزء الصادم – فى رأيه – بالتقرير هو ذلك الجزء الذى يعرض للأخلاقيات والقيم التى يجب أن يتحلى بها كل كائن فى مجال التربية جنبا إلى جنب مع مهارات التواصل والتوافق والمرونة والإنجاز الأكاديمى والفهم والتقدير العلمى، وأهمية أن يكون العاملون فى مجال التربية أفرادا قادرين على ضبط ذواتهم وحل صراعاتهم ، والتفاوض بشأن اهتماماتهم وعرض أفكارهم وبلوغ أهدافهم فى تكامل واتساق ومصداقية ونهوض بالمسئولية ، وتقبل صادق لمن يختلفون معهم فى الرأى واستعداد للعمل فى إطار روح الفريق ، كما لا يغفل التقرير إشارة موجزة إلى التأكيد على أهمية الالتزام الشخصى على المستوى الحياتى فى تقبل للأعباء وأداء للواجبات واعتراف بالآخرين.

وفى دراسة كيرسى Kirsi (1999) سجل (26) معلما تقاريرهم حول الصراعات الأخلاقية التى تواجههم حيث طلب من كل معلم تسجيل موقف حياتى واجه فيه أزمة فى مجال عمله، وكيف وجد له حلا وعلى أى أساس ومن أى منطلق، وتم تحليل محتوى هذه التقارير لتحديد ادراكات وآراء المعلمين ووجهات نظرهم وتفاعلاتهم مع طلابهم ومع أولياء الأمور، وأشارت نتائج الدراسة إلى مواقف الصراع الأخلاقى إزاء العلاقات بين المعلمين وأولياء الأمور، وبين المعلمين وزملائهم، وبين المعلمين والمجتمع ككل، مع مراعاة أن ما يزيد الصراع تفاقما هو عدم وجود وقت كاف للتأمل قبل اتخاذ القرار ، إضافة إلى غياب دستور أو لائحة أخلاقية متداولة ومدروسة ومطبقة بشكل مباشر، وأن الحاجة ملحة إلى عدالة وشفافية فى تنفيذ هذه اللائحة عند وجودها فى ظل حوار مفتوح.

ويلقى بورتز Portz (1999) الضوء على التحديات التى تعترض التطور المستقبلى للمعلمين ، وكيف يمكنهم مواجهتها إذا التزموا بنصائح عشرة هى بمثابة دروس مهنية للعاملين بمجال التربية :
1- المرونة جد مهمة على مستوى التفكير والتخطيط وتبنى الاتجاهات للارتقاء المهنى.
2- الالتزام المهنى طريق موصل لنيل الثقة والاحترام والتقدير والاستحقاق.
3- التلقائية والابتكار واستلهام الأفكار سريعا من المعطيات المعروضة.
4- التواصل مع الآخرين وتقاسم الأفكار معهم .
5- القراءة والاطلاع والحرص على حضور اللقاءات والندوات وبرامج التدريب.
6- تقبل الحوار والمناقشة واحترام الحلول البديلة.
7- المرح فى جدية لتخفيف ضغوط المواقف الطارئة.
8- البحث عن الالهام فى كل مكان.
9- التعبير عن الانسانيات ومشاركة الآخرين خبرات الحياة.
10- احترام الآخرين.

ويؤكد دانفورث Danforth(2001) على أخلاقيات العمل فى مجال التربية مشيرا إلى الفكر التربوى الديوى الذى أسس لمبادىء الحرية والتعاون والعملية واسداء النصح باعتبارها أخلاقيات ديمقراطية.

وتلقى دراسة هاردى Hardy (2002) الضوء على الأخلاقيات التى يجب أن يلتزم بها المعلم إزاء أدواره المتعددة ، ويشير إلى ما هو محدد بالفعل من منطلقات القيم ومصادرها ، وما هو قائم من فجوة بينها وبين الواقع، وتساءلت الدراسة عما يقدمه التراث الأدبى من دليل مرشد بخصوص ما ينبغى الالتزام به من أخلاقيات ، والتخلى عنه من ممارسات، والمتشابهات والمختلفات والمتناقضات بين ما هو قائم وما ينبغى أن يكون .

وفى دراسة منال عبد الخالق جاب الله(2003) عن صراع الدور وأخلاقيات التدريس لدى
عينة من معلمى المرحلة الثانوية كشفت النتائج عن واقع مناخنا التربوى الحالى الذى يحتاج إلى إعادة بناء مفاهيمه التربوية فى ضوء الأزمات التى يعيشها المعلمون بعد أن أصبحوا على غير ثقة من أنهم يمارسون ذلك الدور الأخلاقى المنشود تجاه تلاميذهم رغم ما يتقاسمونه من نصيب أخلاقى قيمى كشفت عنه نتائج الدراسة، نصيب قوامه الثقة والعدالة والاهتمام وتحمل المسئولية والاحترام، كما كشفت نتائج الدراسة عن أن المواجهة اليومية لصراعات الأدوار تجبر المعلمين على الانفتاح على وجهات نظر مختلفة، وعلى أن يكونوا أكثر مرونة، وعلى أن يوسعوا ويدعموا مصادرهم الشخصية، فالقدرة على أن يتحرك الفرد إلى ما وراء حدوده وأن يكون مرنا فى استجاباته لوجهات نظر الآخرين هى أهم النتائج الايجابية لصراع الدور، رغم ما يستغرقه ذلك من وقت، فالنتائج تكون لصالح العمل، ذلك أن صراع الدور مصدر لاستثارة الطاقة وحافز على بذل الجهد والتسامح مع وجهات النظر المختلفة والبحث عن مصادر جديدة للمعرفة والمرونة فى التوافق مع متطلبات متناقضة لأدوار عديدة، وتقليل الشعور بالملل والسأم، فصراع الدور فى تفاعله مع دستور أخلاقى يتحلى به المعلم طاقة خلاقة أو هو مصدر طاقة متجددة تدفع إلى مزيد من الوعى والادراك والتمسك بأخلاقيات مهنة التدريس واستيعابها، وهى حالة تتضمن تأثيرات إيجابية على شخصية المعلم فى مجاهدته لايجاد استراتيجيات للتعايش والتوافق وحل مشكلات العمل بصورة أو بأخرى، ومن هنا جاء تميز نتائج الدراسة التى كشفت عن أن صراع الدور يعد مصدرا لزيادة فاعلية المعلم وتغيير البيئة من حوله.
- وفى دراسة عن العولمة ورؤية جديدة لدور المعلم فى ضوء صراع الدور وأخلاقيات التدريس تشير منال عبد الخالق (2004) إلى معلم عصر العولمة وما يواجهه من تحديات راهنة ومستقبلية متحملا معاناة صراع الدور ومتسلحا بأخلاقيات التدريس لكى ينجح يوما فى أنسنة العولمة وتحقيق المصالحة والاتساق بين أدواره العديدة وصولا إلى التطوير المهنى فى ظل الالتزام الأخلاقى.
- ويشير بورك وآخرون Bourke etal., (2004) إلى أهمية اشتراك المعلمين فى تأسيس وتشكيل لائحة العمل الأخلاقى باعتبارهم الأكثر ادراكا وحساسية للتفاعل فى إطار قيم ومبادىء محددة ، ويخوضون غمار صراعات تفرض نفسها، وتقييمات وقرارات يجب اتخاذها والعمل بها.

ويقدم يورفسكى وسوا Urofsky & Sowa (2004) نتائج بحث مسحى لممارسات الأخلاقيات التربوية بعد القيام بدراسة تحليلية لمحتوى برامج التدريب والطرائق المنهجية المستخدمة فى تقديم هذه البرامج، وكذا اختبار معتقدات العاملين فى مجال التربية تجاه المبادىء والأخلاقيات الحاكمة فى مجال عملهم، واختتم المسح البحثى باقتراحات تطوير مهنية وبخاصة فى مجال الارشاد التربوى وتوصيات بمزيد من الدراسة والتحليل.


خاتمة :
فى عالم سريع التغير كما نشهد يلزم التأسيس لمهارات التفكير العلمى والتأملى والناقد ، والتخطيط والتجريب على أسس علمية، وملاحقة المستجدات العلمية والتقنية ، وإعداد الدراسات المستقبلية التى تخاطب الارادة والانسانية وتحفز على الابداع ، فالعولمة هى إحدى مؤشرات المستقبل القريب ولابد من التعامل معها بمنهجية تمكننا من الاستفادة منها ولا يمكن الدخول إلى ذلك إلا من باب التربية ، ويبقى السؤال بعد ذلك: كيف يمكن أن يتحقق ذلك؟ إن وراء كل أمة عظيمة تربية عظيمة ووراء كل تربية عظيمة أخلاقيات رفيعة.

ويقترح على راشد (2002) أن يكون للمعلم قسم يؤديه عند تخرجه كى يستشعر دوما قداسة المهنة وعظيم مسئوليتها قبل طلابه وزملائه والمجتمع كله، فلقد جاء فى الاعلان الصادر عن مكتب التربية العربى لدول الخليج حول أخلاق مهنة التعليم أن التعليم رسالة يهون دون بلوغ غايتها كل غال، وأن المعلم مثل أعلى وصورة والدية رحيمة أساسها المودة ، مسئول مسئولية كاملة عن تنمية تلاميذه فى جميع جوانب شخصياتهم ، وهو فى كل ذلك موضع تقدير المجتمع وصاحب رأى واسهام فى قضاياه ومشكلاته ، وعليه بذل كل جهد ممكن للاستزادة العلمية فى مجال تخصصه.

ويؤكد على راشد على الأخوة المهنية كأساس للعلاقات المتبادلة بينه – أى المعلم- وبين جميع العاملين بالمجال ، وكونه شريكا للوالدين فى تربية أبنائهم الطلاب ، كما يؤكد على أهمية كونه عالمى الفكر والنظرة تقدما وتطورا من غير انفصال عن أصوله وجذوره.

ويؤيده الجميل شعلة (2001) فى إشارته إلى ما تقتضيه التحديات المستقبلية من تنمية للقدرة على الابتكار والابداع وبث روح المنافسة فى نفوس المعلمين ليمكنهم أن يجدوا لأنفسهم مكانا فى المجتمع العالمى، نظرا لما يحمله المستقبل من توتر وصراع بين الأصالة والمعاصرة ، بين ما هو مادى وروحى، وعلى المعلم أن يقوم برسالته فى مواجهة كل ذلك . ( الجميل شعلة،70:2001)

ويشير عبد الرحمن صالح (2002) إلى رسم جديد لأدوار مستقبلية للمعلم يتحقق من خلال الاستشراف العملى المعتمد على البحوث والدراسات والتقارير وتحديد ملامح الصورة التقريبية لمهام المعلم الجوهرية ، مع التأكيد على تفعيل ميثاق المعلم كمرجعية قائمة وتجديد شروطه ومواصفاته التفصيلية، والجدية فى تنفيذ بنوده، فيكون معلم المستقبل صانعا للمعرفة وقادرا على الابداع من غير حيرة أو تخبط. (عبد الرحمن صالح،2002: 87)

ويجب أن تشتمل أدبيات التربية وكتاباتها على إشارات إلى أفضل سبل تطبيق الأخلاقيات والقيم والمعايير ، ويجب أن تنتقل أخلاقيات المهنة إلى المتدربين قبل البدء فى ممارسة مهام عملهم ، وذلك حتى يأخذوا على عاتقهم توصيل صورة المعلم النموذج الحى للسلوك الأخلاقى فى كل مكان ، وإن كانت برامج التدريب الحالية لا تقدم إشارة إلى هذه الأخلاقيات التى يجب التحلى بها ، أو قد تشير إليها فى إشارات عابرة ، فإنها تترك المساحة الأكبر للاجتهادات الشخصية الفردية لاشتقاق مبادىء وقيم تحكم العمل وتجرب ذاتها فى أرض الواقع وهو ما قد يكون صوابا وقد يخالفه الصواب.

من هنا تختتم الورقة الحالية بالتأكيد على أهمية تدريب المعلمين وكل العاملين فى مجال التربية ، وإعمال المنطق وتحكيم العقل، لتنمية القدرة على الحوارفى إطار رؤية أو تصور جديد يفعل لغة الأخلاقيات فى ذكاء وانفتاح وتنوير مع كل موقف جديد يفرض نفسه ، حيث المواجهة مع صراعات تفجر نفسها فى تنوع قد لا يخطر على بال ، وحيث تختلف أولويات ترتيب المبادىء الأخلاقية ومعايير الحكم على درجات الالتزام بها أو التخفف منها .

وأيا كان التوجه النظرى فالهدف هو زيادة قدرة العاملين بالمجال على فهم وتحليل الأحكام الأخلاقية ، ومعلم المستقبل أولى بتطوير تلك القدرة على فهم واستنباط المبادىء الأخلاقية فى حساسية وذكاء وتجاوب ، وقد يكون من الوهم الاعتقاد بأن برنامجا تدريبيا قصيرا أو ممتدا يكفى لجعل الفرد أكثر تمسكا بالأخلاقيات وأكثر التزاما ، إلا أنه أمر يستحق المحاولة وجدير بالاهتمام .








المراجع العربية:
1- الجميل محمد شعلة(2001): دور المعلم كأحد عناصر المنظومة التعليمية فى ضوء تقرير اللجنة الدولية للتربية للقرن الحادى والعشرين. مجلة علم النفس(يوليو-أغسطس العدد:59)ص ص:70-85
2- عبد الرحمن صالح (2002): رؤى فى تأهيل معلم القرن الجديد. مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض.
3- على راشد(2002): خصائص المعلم العصرى وأدواره: الاشراف عليه وتدريبه. دار الفكر العربى، القاهرة.
4- منال عبد الخالق جاب الله (2003): صراع الدور وأخلاقيات التدريس لدى معلمى المرحلة الثانوية فى ضوء بعض المتغيرات الشخصية والمهنية.مجلة كلية التربية ببنها، عدد أكتوبرص ص:11-61
5- منال عبد الخالق جاب الله(2004): العولمة ورؤية جديدة لدور المعلم فى ضوء صراع الدور وأخلاقيات التدريس .ندوة العولمة وأولويات التربية، كلية التربية، جامعة الملك سعود، 20-22/4/

المراجع الأجنبية:

1- Bourke, R.R., kearrey, A. & beran , B .J . (2004) : " stepping out of the classroom : Involving Teachers In The Evaluation of National Education Policy" British Journal of Education ,Vol.31,No.3,PP.150-157
2- Campell, E. (2000) : " Professional Ethics in Teaching: Towards the Development of A code of Practice " Cambridge Journal of Education ,Vol. 30 (2) .PP.203-222
3- Campell, E . (2001) : "Let Right Be Done: Trying to Put Ethical Standards into Practice" Journal of Educational Policy,'' , Vol.16, No. 5, PP.395-411
4- Campell,E.(2003): Moral Lessons: The Ethical Role of Teachers” Education Research Evaluation,Vol.9,No.1,pp.25-51
5- Campell, E . (2004) : " Ethical Bases of Moral Agency in Teaching '' Teachers & Teaching V0l.10,No.4, PP. 409-428
6- Coombs , J.R. (1998) : Educational Ethics: Are We On The Right Track ? " Educational Theory ,Vol. 48,No.4,PP.555-570
7- Correa, H. (2003) : " Agame Theoretical Analysis of the Educational Impact of Differences in the Abilities and Work of Ethics of Teachers and Students " Journal of Socio – Economics ,Vol. 32,N.03, PP.249-264
8- Danforth,S.(2001): Adeweyan Prespective Democracy and Inquiry in the Field of Special Education” Journal of Association for Persons with Severe Handicaps, Vol.26, No.4,PP.270-280
9- Diegmueller, K .(1996) : " AASA Reform Report Urges Focus on Ethics as Schools Look to Future " Educational Week , Vol. 15,No.20,PP.6-7
10- Forest, J.J .(2002) : " Globalization Universities and Professors " Cambridge Review of International Affairs , Vol. 15,No.3,PP.435-450
11- Gallego, M.A. Hollingsworth , S & whitenack d.a. (2001): " Relational Knowing in the Reform of Educational Cultures " Teachers & College Record ,Vol. 103, No. 2, PP. 240-267
12- Hardy, D.E. (2002) : " Ethical Considerations Affecting Teaching in Community Colleges : An Abudance of Feelings and Limited Facts" Community College Journal of Research & Practice , Vol. 26, No. 5, PP. 383-400
13- Howe , K.R. & Miramontes, O.B.(1992) : " The Ethics of Education.” Science Monitor,Vol.93,No.240.
14- Husu , J. (2001) Teachers at Cross – Purposes : Acase Dilemmas in Teaching" Journal of Curriculum & Supervision, Vol. 17, No. 1, PP. 67-90
15- Husu , J. (2004): A Multifocal Approach to Study Pedagogical Ethics in School Settings " Scandinavian Journal of Educational Research,Vol. 48, No. 2, PP. 123-140
16- Kelly , E.J. (1980) : " Public Ethics vs. Personal Motives in Special Educators " Education,Vol. 100, No. 3, PP. 260-269
17- Kelly , J.A. (2004) : " Teaching the World : A New Requirement for Teacher Preparation " Phi Delta kappan, Vol. 100, No. 3, PP. 260-269
18- Kidder , R.& Mirk. P. (2004) : " Global Ethics in A Divided world " Independent School,Vol. 63, No.3, PP. 1-40
19- Kirsi , T. (1999) :" Ethical Conflicts in Early Education " Paper Presented at the Annual Meeting of the European Early Childhood Education Research Association (EECERA),gth, Helsinki,September 1-4- 1999
20- Ports,N.(1999) : Surviving Your First Year of Teaching : Ten Tips” Reading Today,Vol.17,No.2,PP.11-15
21- Roberts - Holmes , G. (2003) : " Towards an Understanding of Gambian Teachers, Complex Professionalism " Teachers & Teaching,Vol. 9, No. 1, PP. 35-46
22- Stephens , T.M. (1985): " Personal Behavior and Professional Ethics : Implications for Special Educators " Journal of Leering Disabilities,Vol. 18, No. 4, PP. 187-192
23- Urofsky , R. & Sawa , C.(2004): " Ethics Education CACREP-Accredited Counselor Education Programs " Counseling & Values,Vol. 48, No. 1, PP. 37-48
24- Wayne , A.& Apple M.N. (2004): " Interrupting Globalization as an Educational Practice " Educational Policy ,Vol. 18, No. 5, PP. 784-793
25- Yeaman , A. R. J. (2005): " The Origins of Educational Technology is Professional Ethics : Part Two – Establishing Professional Ethics in Education " Tech Trends : Linking Research & Practice to Improve Learning,Vol. 49, No. 2, PP. 14-17
24- Young , M. (1998): " Rethinking Teacher Education for a Global Future " Journal of Education for Teaching ,Vol. 24, No. 1,PP. 51-63
الكفايات حاجة اجتماعية و اقتصادية أم موضة تربوية؟
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الكفايات في التعليم,أو عن "المقاربة الكفائية " أو " المقاربة بالكفايات" في المغرب سيرا على نهج الكثير من دول العالم سواء المتقدم أو السائر في طريق النمو.وإذا كان النقاش محتدا في الغرب, بين المبشرين بهذه المقاربة الجديدة الذي ستكون لها, حسب تصورهم, نتائج باهرة على المتعلم و من ثم على المجتمع الذي يجعل من قطاع التربية و التعليم المجال الأول للاستثمار, وبين المشككين الرافضين لهذه المقاربة التي يرون فيها تعبيرا عن ازدهار الإيديولوجيا اليمينية التي تريد إخضاع التربية و التعليم لاقتصاد العولمة و الليبرالية و قيم الفعالية و المردودية و جعل المدرسة في خدمة الليبراليين الجدد, و بين أولئك الذين يحاولون أن يجدوا طريقا سالكا وسط هذه الغابة الكثيفة من المفاهيم و المصطلحات التي تنطوي على كثير من اللبس, علهم يتبينوا الخيط الأبيض من الخيط الأسود و يحافظوا على المسافة النقدية التأملية في قضية ملغزة
و مرشحة للانزلاتقات و سوء التفاهم الدائم, فأن المشكل ,عندنا ,أشد تعقيدا و أكثر التباسا لأننا نتعامل مع الكثبر من الأمور التي لم يحسم النقاش حولها و كأنها مسلمات...
جرت العادة في المغرب أن نتخيل التغيير حاصلا, بمجرد تغيير المصطلح حتى كأن للغة قدرة سحرية خارقة فنتجاهل تلك المسافات الشاسعة بين القول و الفعل(Meirieu, 1996).فقد حصل معنا هذا الأمر مرارا و ثمة أمثلة لا يمكن تجاهلها: التعليم بواسطة الأهداف التي وجد المدرسون أنفسهم ملزمين باعتماده باعتباره العملة البيداغوجية الرسمية الوحيدة دون أن يعرفوا , في بداية الأمر, ما هو بالضبط.
لكن الآن ، و العالم كله يلهج بلفظ الكفايات , على طريقة التعليم بالأهداف أن تنسحب في صمت و قد تنكر لها حتى مريدوها الذين اعتبروها وقتئذ نهاية التربية( على غرار نهاية التاريخ).
إن أول الملاحظات التي يمكن أن تعن للمتتبع للشأن التربوي و البيداغوجي في بلادنا هي الخلط الحاصل في المصطلحات و المفاهيم ,إلى الحد الذي يجعل أي نقاش أو حوار أمرا أشبه بالمستحيل ,لأن حجم التباين في المفاهيم بلغ درجة يصعب معها التفاهم . إذا كانت بيداغوجيا الأهداف قد أغرقت في التجزيء و التدقيق و توحيد المفاهيم فإن المقاربة بالكفايات على النقيض من ذلك خلقت و ستخلق الكثير من مظاهر الالتباس و التشتت و البلبلة .و النقاش دائر اليوم على أشده بين المشتغلين بعلوم التربية في أوروبا حول دلالات هذا المفهوم و الانزلاقات التي حصلت في الممارسات البيداغوجية المرتبطة بهذه المقاربة الجديدة( أنظر مثلا Rey,1996))
وperrenoud,1997))

أية كفايات لأي مجتمع:
لا ينبغي أن نحمل المدرسة كل المشاكل التي يتخبط فيها المجتمع و نجعل منها بيت الداء:فالمدرسة المغربية ليست هي المسؤولة عن ضعف النظام الاقتصادي و ضعف التأهيل الصناعي و وجود بنى اقتصادية غير مهيكلة و عدم وجود مناصب شغل بالمقدار الكافي و غياب التحديد المواصفاتي للحاجات المهنية, في مجتمع يعتمد بالدرجة الأولى على الفلاحة , و إن كان للسياسات التعليمية المتبعة منذ الاستقلال دور لا يمكن إنكاره في المآل الخطير الذي بلغته المدرسة المغربية في الوقت الراهن و التي يجعل أمر الإصلاح ضرورة ملحة و مستعجلة قبل فوات الفرصة الأخيرة.
لقد انصب اهتمام الكثير من دول العالم على السبل التي بمقدورها تحقيق جودة التعليم و الرفع من مردوديته و فائدته الاجتماعية و التنموية و مساهمته في الازدهار الاقتصادي و الرخاء البشري و كل ذلك في إطار مشروع تربوي و تنموي محدد و واضح المعالم. فدول الاتحاد الأوروبي , على سبيل المثال ، انكبت منذ عقد من الزمن تقريبا على تدقيق ما سمي بالكفايات المفاتيح ( باللغة الفرنسية compétences clés: و يالانجليزيةkey: skills ) ,فقد تمت إعادة النظر في بريطانيا في المناهج التعليمية خاصة المتعلقة بالتعليم الإجباري[ ما يسمى عندنا بالتعليم الأساسي] منذ منتصف التسعينيات, و يرجع ذلك إلى عدم رضا المشغلين ,منذ الثمانينيات,بمستوى الكفايات التي يتوفر عليها الوافدون الجدد على عالم الشغل من التلاميذ الذين ينهون تعليمهم الإجباري و يلتحقون بعالم الشغل, و لذا حددت كفايات تتجاوز القراءة و الكتابة و الحساب إلى القدرة على استخدام كفايات داخل سياقات جد متنوعة و تم التركيز منذ إصلاح المناهج التعليمية سنة 1995 على ثلاث كفايات هي المتعلقة بالتواصل,و باستعمال الحساب و بتكنولوجيا المعلومات.كما أعيد في سنة 2000 ترسيخ و تدقيق المقاربة المبنية على الكفايات المفاتيح أو الكفايات الأساس التي صارت كالتالي: التواصل,استخدام الأعداد, تيكنولوجيا المعلومات,تحسين التعلم و الإنجاز الشخصي, و أخيرا حل المشكلات...( Eurydice,2002, p157). في فرنسا حددت الكفايات المفاتيح بشكل واضح و دقيق بالنسبة للتعليم الإجباري في القراءة و الكتابة و الحساب مميزة بين كفايات عامة و أخرى خاصة أو نوعية. و هذه الكفايات محددة انطلاقا من كفاية أساسية هي التحكم في اللغة (نفسه,ص 99),إذا انتقلنا إلى مرتبة اشتقاق الكفايات النوعية الخاصة بالمواد نجد القرارالصادرفي 1997 ,;و الذي يحدد ما يسميه بأهداف السلك الإعدادي Le collège بخصوص تعليم اللغة الفرنسية ( لا يتحدث عن الكفايات) يؤكد على أن التعليم" الإعدادي" باعتباره أعلى مستوى للتعليم يستفيد منه جميع التلاميذ قبل تفرقهم في مسارات تعليمية و مهنية جد متباينة ينبغي أن يمد هم بنفس المعارف الأساسية في المجالين اللغوي و الثقافي,بالإضافة إلى حاجتهم و هم يقتربون من سن الرشد , و يتحولون إلى مشاركين فاعلين في الحياة الاجتماعية ,إلى أن يكونوا في مستوى التعبير عن أحكامهم و بنائها.هذه " الغاية"Finalité كما يسميها واضع المقرر تترجم إلى الأهداف الأساسية التالية:
ـــ منح التلاميذ التحكم في أهم الأشكال الخطابية.
ـــ إعطاؤهم وسائل صياغة الأحكام الشخصية و التعبير عنها بحيث تكون مسموعة و مفهومة.
ـــ منحهم المعارف الثقافية الأساسية الضرورية لتشكيل هويتهم الشخصية و الاجتماعية,
ـــ تمكينهم من إغناء مخيالهم , و التدرب على فهم الأشكال الرمزية.
و فيما يتعلق بالأشكال الخطابية ,فأن المتوالية العامة في السلك الإعدادي هي التالية:
ـــ في السنة الأولى( السادسة في النظام الفرنسي): دراسة الحكي , كشف الحجج( في نص حجاجي).
ـــ في السنتين الثانية و الثالثة( الخامسة و الرابعة في النظام الفرنسي) :تعميق دراسة الحكي و التوجه نحو إدخال الوصف و الحوار,مقاربة الخطاب التفسيري التي تهيئ لدراسة الحجاج.
ـــ السنة الرابعة( الثالثة في النظام الفرنسي) :دراسة الحجاج , و متابعة دراسة الأشكال الخطابية الأخرى.
لا يسمح المقام باستعراض كل التفاصيل المتعلقة بالمنهاج الفرنسي و لكن تجدر الإشارة إلى أن كل مكونات مادة اللغة الفرنسية تتضافر من أجل تحقيق الأهداف( الكفايات؟) المسطرة.(JO,21janvier,1997)
يبدو أن هذه الكفايات التي يراد للمتعلم الغربي أن يمتلكها نابعة من حاجات اجتماعية و اقتصادية وسياسية واضحة ومن تصور محدد للتلميذ المواطن في مجتمع ديموقراطي متعدد ومنفتح.لا يعني هذا البتة أن حسن صياغة الأهداف أو الكفايات و بناءها باستلهام النظريات البيداغوجية المتطورة يجعلها تتحقق تلقائيا في الفصول الدراسية.
من الميثاق إلى المنهاج
يبدو واضحا أنه ,كلما نزلنا من الدرجة العليا إلى الدرجة التي تليها في سلم مراتب القرار و المسؤولية كلما التبست الأمور أكثر: إن الأوتوبيا التي تبشر بها القرارات العليا تتبخر بالتدريج و هي تفعل و تصاغ في إجراءات عملية لكي لا يتبقى من لغتها الفخمة الحالمة ,عندما ينتهي بها المطاف إلى غرف الأقسام المغلقة , سوى نتف من الإجراءات الشكلية الغارقة في التجزيء و العقم في أغلب الأحيان ...ذلك المعنى المتمنع الذي تريد الوثائق التي تدبج هناك ,في أعلى مراتب القرار, أن تصبغه على المدرسة و ما يرتبط بها يتلاشى كلما توغل في طريقه نحو التنفيذ أي نحو حتفه.
إن الميثاق الوطني للتربية و التكوين, وهو يبشر بمدرسة " جديدة" و قائمة على" المنهج التربوي النشيط " ( الميثاق, ص 11) يستعمل لغة فخمة متفائلة,ترى نجاح المشروع التربوي( المشروع؟) على مرمى حجر ( على مرمى درس، سنة دراسية,أو سلك دراسي).و لكن الطريق مزروع بالتشكك و اللامبالاة و الارتجال و عدم التأهيل و ضعف الإمكانيات و شح الوسائل و كل الأشكال الظاهرة و الخفية لمقاومة الإصلاح...
من السهل تدبيج صفحات مطولة حول التصورات العامة و المواصفات التي على المدرسة توفيرها في المتعلم و حشد العبارات الفخمة و ترصيعها بأكبر قدر من النعوت الإيجابية,لكن من الصعب تحويل كل ذلك أو بعضه إلى حقيقة في ظل أوضاع تنذر بالخطر..
الكفايات التربوية بين الميثاق و البرامج التعليمية.
يرد مصطلح كفاية في الميثاق الوطني للتربية و التكوين خصوصا في الدعامة الثالثة المتعلقة بالسعي إلى ملاءمة النظام التربوي و المحيط الاقتصادي و بالأخص عند الحديث عن التكوين المستمر لتلبية حاجات المقاولة( من المادة 52 إلى المادة 57 ) و بالرغم من أنه يذكر مصطلح الكفايات في مجال التنظيم البيداغوجي في الدعامة الرابعة( الكفايات المرتبطة باستقلالية المتعلم,و المرتبطة المجالات التقنية و المهنية و الرياضية و الفنية,و كفايات البرهان و التواصل و التعبير و تنظيم العمل و البحث المنهجي) فإن السمة المهنية و التقنية لهذا المفهوم المثير للجدل هي البارزة بالإضافة إلى إيراد الكثير من المصطلحات الأخرى المرتبطة من قريب او بعيد بمفهوم الكفايات مثل: الأهداف( العامة و الخاصة) المهارات و القدرات و المؤهلات و المواصفات...يبدو أن للطابع التفاوضي و التوفيقي لصياغة نص الميثاق و تعدد الأطراف المشاركة دورا في تذبذب الجهاز المصطلحي المستعمل و اضطراب المفاهيم.ثم إن هناك ملاحظة أساسية لعلها من نتائج هذا الطابع التوفيقي وهي عدم تدقيق الكفايات الأساسية بالنسبة للتعليم الإلزامي و التعدد المبالغ فيه للأهداف ( الكفايات؟) على نحو يعكس الغموض الحاصل في صورة التلميذ المتخرج من التعليم الإجباري الذي هو أعلى تعليم مشترك لجميع المتعلمين.
إذا انتقلنا إلى مستوى البرامج الدراسية ,فإن المتصفح لما سمي بالكتاب الأبيض يخرج بمجموعة من الملاحظات الأولية منها:
ــ عكس ما تدعيه الوثيقة , ليس هناك أي تنسيق بين التخصصات و الأسلاك التعليمية إذ يعمد كل واحد إلى استخدام مفهوم الكفاية استخداما خاصا بل و مثيرا للاستغراب في بعض الأحيان, كما هو الحال في تقسيم الكفايات إلى أساسية و نوعية في برامج التعليم الابتدائي على النحو الذي يوحي باشتقاق الثانية من الأولى.و مجرد نظرة خاطفة تكفي للتأكد من واضعي البرامج يريدون ما كان يدرج في الأهداف العامة و الأهداف الخاصة. لا يقف الأمر عند اضطراب مفهوم الكفاية بل تصل إلى حد غير مقبول من الشطط و العسف يوحي بأن هذه القوائم التي حشدت فيها أشتات من الأهداف لم تخضع حتى للمراجعة و التشذيب.لايسمح المقام باستعراض اضطراب الأهداف و الذي ينتج في غالب الأحيان ليس فقط لغياب خلفية بيداغوجية و ديداكتيكية واضحة و كافية,و لكن لغياب تدقيق المفاهيم الاولية المرتبطة بالتخصص التعليمي( ننطلق من برامج اللغة العربية ) والتي تتجلى في عدم ملاءمة مفهوم الجنس الأدبي و النوع الخطابي:مثال من برامج الابتدائي:جعلوا كفاية نوعية الهدف التالي:أن يكون المتعلم قادرا على تعرف و استثمار أنواع النصوص من وظيفية(؟) أدبية شعرية و نثرية, و وثيقية, و مسترسلة, و علمية, و اجتماعية و تاريخية, و قصصية,مقالة خطبة,إلخ. و الظاهر أن واضعي المنهاج اعتمدوا في تعداد أنواع النصوص على التداعي الحر وحده.
في المستوى الإعدادي , تتبنى وثيقة الاختيارات و التوجهات التربوية خمسة أنواع من الكفايات هي:( الكفايات التواصلية/ الكفايات المنهجية/الكفايات الثقافية/الكفايات الاستراتيجية / الكفايات التكنولوجية ). ولا يخفى أن هذه الأنواع هي التي تم تبنيها في ما سمي باصلاح ابرامج الخاصة بالتعليم الثانوي سنة1994 ; ,أقل ما يمكن أن يقال عن هذه الأنواع من الكفايات أنها ملتبسة وعامة يمكن عدها كفايات مستعرضة( أو ممتدة؟) :الكفايات الاستراتيجية مثلا هل المراد بها الكفايات ذات الطبيعة الاجتماعية و العلائقية؟ و إذا كان الأمر كذلك هل يمكن خضاعها لتقويم ما و كيف ذلك ؟ هل الكلمات القليلة التي عرفت بها كافية إجلاء المقصود بها؟ و نفس الشيء يقال عن الكفايات المنهجية:التعريف يضاعف من الالتباس:منهجية للتفكير و تطوير مدارجه العقلية....إلخ و ما علاقة الأخلاقيات( استدماج أخلاقيات المهن و الحرف و الأخلاقيات المرتبطةبالتطور العلمي و التكنولوجي بارتباط مع القيم الدينية و الحضارية و قيم المواطنة و قيم حقوق الإنسان و مبادئها الكونية( وثيقة الاختيارات و التوجهات..).هل هناك خلط و التباس أكثر من هذا؟إلى أي حد يمكن أن نتكلم عن كفايات ثقافية إذا أخذنا بعين الاعتبار نسبية الثقافة و شساعة المعارف خصوصا مع الانفجار المعلوماتي؟ما هي اختياراتنا التربوية بخصوص علاقة المعارف بالكفايات ؟..
هذه عينة قليلة من الأسئلة التي تعن للملاحظ منذ الوهلة الأولى, و التي تعكس جانبا من الحيرة و الارتباك اللذين طبعا الاختيارات و التوجهات التربوية.
لنبق في تخصص تعليمي واحد هو اللغة العربية لنلمس في حدود ما يسمح به المقام المدى الذي بلغه الارتجال في ما سمي باصلاح المناهج التعليمية( لنستعمل لغة أكثر تواضعا ونقول المقررات): لقد تبنى واضعو البرنامج نفس الكفايات دون التساؤل عن طبيعتها أهي كفايات نوعية تخصصية أم كفايات مستعرضة( توجد في ملتقى المواد الدراسية) و قابلة للنقل.لا يكفي أن نفردها ( نحولها من الجمع إلى المفرد) لتبدل طبيعتها وتصير نوعية.
بقي أن ندلي ببعض الملاحظات عن البرنامج الذي اختير في مادة اللغة العربية في الإعدادي:
ـــ في المدخل المخصص للحديث عن برنامج السلك الإعدادي أشارت اللجنة المشرفة على وضع البرنامج إلى أنها اعتمدت مقاربة شاملة تجمع بين القيم و الكفايات. فهل المقاربة الشاملة هي فقط الجمع بين القيم و الكفايات؟
ـــ ثم هل تم فعلا اعتماد المهارات و القدرات في درس القراءة؟ أم أن هنالك تكريسا للمقررات التقليدية ذات المنحى الموسوعي باعتماد تصنيفات فضفاضة لا تتمتع بالملاءمة البيداغوجية و الديداكتيكية سميت بالمجالات ؟ و الملاحظ أن هناك التباسا بالغا في تحديد هذه المجالات و ترتيبها:هل يمكن عزل القيم الاسلامية عن بقية القيم الأخرى : القيم الإنسانية مثلا؟ هل من الضروري أن نفرد لها مجالات خاصة أم من الأجدر أن تخترق المنهاج التعليمي بكامله من خلال مواد حاملة؟ أليس في ذلك خطر الانغلاق في تصورات غير صحيحة حول الدين.إن تحديد هذه المجالات مشوب بالكثير من الاضطراب و التعسف: أليس المجال الاجتماعي و الاقتصادي مجالين؟ ما علاقة الأمثال الشعبية بالمجال الفني؟ يحار المتتبع وهو يتساءل ما هي ( الكفايات؟) التي يراد تنميتها لدى المتعلم في السلك الإعدادي ؟ و ما المجهود الذي بذل في بناء المقرر إذا علمنا انه نسخة عن البرنامج السابق الذي بدوره نسخة عن البرامج القديمة ( منذ السبعينيات أو أكثر) و الذي كان يطبق من السنة الأولى الإعدادي حتى القسم الثانوي النهائي خاصة في شعبة العلوم, ولم تكلف اللجنة نفسها حتى مراجعة وفحص التقسيمات التي وضعت مرة واحدة و يتم اجترارها حتى اليوم خصوصا في عهد الحديث عن بناء الكفايات, و كأن هناك برنامج واحد يتكرر, أو كأن برنامج اللغة العربية صيغ مرة واحدة و إلى الأبد؟
ـــ ما حقيقة ما سمي بـ " المقاربة التواصلية" في درس اللغة؟هل هو استجابة لأسئلة معرفية و بيداغوجية أم مجرد مصطلحات تزيد الطين بلة خصوصا و أن هذه المقاربة اللسانية ـ البيداغوجية و التي ارتبطت أكثر بتعلم اللغات الأجنبية, و حدود هذه المقاربة و أبعادها ما تزال غير معروفة .ثم هل تتلاءم اللغة العربية معها؟ و لا ننسى معارف المدرس بهذا الخصوص.إن من العبث الذي لا طائل منه مسايرة الموضات البيداغوجية حتى يقال إن المناهج تطورت و "تم تحديثها".كما أن لا جدوى من إخفاء المشاكل المرتبطة بتدريس اللغة العربية ( التي تدرس بالقواعد كلغة ميتة) وراء مصطلحات ملتبسة.وما انطبق على القراءة ينطبق على دروس اللغة التي نقلت حرفيا عن البرامج السابقة دون بذل أي مجهود في بنائها بشكل نسقي مرتبط مع الأهداف المراد تحقيقها بما يناسب المقاربة بالكفايات .
ــ دروس التعبير الكتابي اعتمدت قائمة عريضة من المهارات لم يراع فيها التكامل مع المكونات الاخرى ( القراءة و الدرس اللغوي) و لم تخضع لأي بناء نسقي تدريجي يراعي درجات الصعوبة و الأشكال الخطابية التي تندرج فيها النصوص التي يراد من التلميذ أن ينتجها,( هذه نماذج من عشوائية الترتيب و التصنيف فمهارة التفسير و التوسيع تدرس في السنة الأولى ومهارة التلخيص في السنة الثانية مع أن الأصوب هو قلب ترتيبهما مراعاة للتدرج/ الإنتاج الصحفي كرواية خبر انطلاقا من مصدر معين في السنة الأولى و التدريب على تخيل حكاية عجيبة .. في السنة الثالثة (هل التخيل مهارة أم قدرة؟).) فما هو المعيار المعتمد في بناء المهارات و ترتيبها ؟والجلي أنه ليس هناك متوالية بيداغوجية بل هناك حشد لمحتويات متنافرة و مباحث صرفية و تركيبية متباينة و مهارات )؟.
ــ هذه مجرد ملاحظات سريعة ولكنها تبين مدى ارتباك المفاهيم و ضحالة العمق البيداغوجي الكفائي و الركون إلى السهل الجاهز.
أسئلة ملحة لا بد منها:

من الأسئلة التي تكتسب مشروعيتها و ملاءمتها حين الحديث عن مقاربة كفائية للبرامج الدراسية:
ــــ ما علاقة الكفايات بالمعارف المراد تدريسها:كيف نوفق بين الكفايات التي نريد من التلميذ أن يمتلكها و يمارسها خاصة الكفايات القابلة للنقل Transférables و المعارف التي نقدر أن من واجبه امتلاكها بالنظر إلى الوقت التي تتطلبه تنمية الكفايات في الفصول الدراسية وما يتطلبه من جهد في تدقيق المعارف الضرورية في حقل التربية؟
ـــ ما مدى وضوح الأهداف التربوية المتوخاة من برنامج ما ,سلك ما,مسار تعليمي ما, و وضوح المفاهيم البيداغوجية و الديداكتيكية المستعملة و انتظامها في مفاهيم معيار تشكل مرجعا رسميا يجعل النقاش حوله ممكنا؟ كل ذلك مع الحرص الشديد على تبني لغة أكثر تواضعا تحدد حاجيات ملحة و تتصور أهدافا أساسية و قابلة للتحقيق في زمن و مكان محددين : ما الكفايات الأساسية التي نريد ـ مثلاـ من المتعلم المغربي أن يطورها في التعليم الإلزامي( الأساسي) بدل أن نتصور دائما أن كل سلك يقود إلى آخر.(كما أن المدرسة لا يمكن أن تقوم بكل شيء لأن جعلها تحتكر كل القيم و كل المعارف و كل التعلمات لوحدها مضاد للتربية كما يقول روبول( روبول,1994,ص33).
ـــ ما مقدار الانسجام الأفقي بين مكونات المواد المختلفة في إطار تداخل التخصصات و إغناء بعضها للبعض الآخر؟و الانتماء إلى مرجعيات نظرية و بيداغوجية مشتركة أثناء صياغة البرامج التي ينبغي أن تكون نوعية لا تكتفي بمراكمة المحتويات ؟
ـــ ما الجهد الذي بذل في تكوين و إعادة تكوين المدرس الذي سيتولى التدريس باعتماد الكفايات؟. إن اصلاح التعليم بإدخال المقاربة عن طريق الكفايات يحتاج إلى مدرسين مؤهلين ملمين بمبادئ البيداغوجيا الحديثة و أسس ديداكتيكا تخصصاتهم المهنية بالإضافة إلى الخبرة و التجربة و اتساع الأفق المعرفي. و المؤسف أن هذا الكلام المتعلق بتأهيل المدرسين يتم باستمرار الالتفاف حوله و تأجيله . يجدر التذكير بأن احسن تكوين بالنظر إلى الاختلالات العميقة لنظامنا التربوي يبقى هو التكوين الذاتي الذي يقوم به المدرس المحب لمهنته و المنشغل على الدوام بممارسته الميدانية التي تضعه باستمرار أمام مشاكل مهنية عليه حلها.
ـــ إعادة النظر في توزيع الزمن المدرسي و اشتغال الفضاءات التربوية,و أعداد التلاميذ في الفصول الدراسية.فللإصلاح كلفة مادية بدونها يصير الخطاب الرسمي حول الاصلاح التربوي خطابا للخداع.لأنه
لا يمكن الحديث عن مناهج تربوية مبنية على مقاربة بالكفايات دون إحداث إبدالات حقيقية في البنية التحتية و طرائق العمل :إن المقاربة بالكفايات تتطلب تعليما أكثر تفريدا معتمدا على أساليب ديداكتيكية متجددة تعتمد على حل المشكلات و بالتالي أقساما أقل اكتضاضا.كما تستدعي مناخا مؤسسيا قائما على التعاون من أجل جعل المشاريع البيداغوجية قابلة للتنفيذ...كل ذلك بالأضافة إلى إعادة النظر في طرائق التقويم بما يلائم المقاربة بالكفايات..
-ماهي غايات الاصلاح التربوي ؟ما هي أسئلته التي يجيب عنها(جدوى التعليم,وظيفة المدرسة في المجتمع,العوائق الذاتية و الموضوعية....)...؟؟
سنضيع الكثير من الوقت في مناقشة عديمة الجدوى حول معنى الكفايات و تصنيفاتها و اشتقاقاتها المعجمية مستنجدين بالمعاجم المتخصصة,و سنضيع الكثير من الجهود دون أن نحقق المطلوب طالما تنكرنا للوقائع المربكة و التففنا حولها.
إن في هذه العينة من الأسئلة و إن كانت تبدو تعجيزية دعوة للتأمل و المساءلة. فبدون الإجابة عنها سنراوح في مكاننا لننظر إلى الفرص و هي تضيع تباعا , ولننتظر كل خيبات الأمل القادمة خلف الأوتوبيا الحالمة التي تبشر بها المراسيم و المذكرات و التقارير المطولة التي تركن في رفوف الأرشيفات ليدفنها الغبار و النسيان.
نحو تفكير إيجابي بناء أتح لنفسك فرصة للتأمل وراجع ذاتك


كيف نتخلص من الأفكار السلبية كثيراً ما نطرح هذا السؤال على أنفسنا (كيف نتخلص من التفكير السلبي)؟ إلا أننا لم نحاول مرة أن نحول هذا السؤال إلى استفهام آخر هو(كيف نقي أنفسنا من التفكير السلبي)؟ وهذا بالضبط ما أشار إليه توني هامفريز في كتابه الشهير (قوة التفكير السلبي) حيث طالب توني بضرورة السعي الجاد لوضع استراتيجيات دقيقة من خلالها نقي أنفسنا من الوضعيات والحالات التي تقودنا إلى أن نكون مرتعاً خصباً للأفكار السلبية، وعلى كل حال فنحن أمام مهمتين: الأولى تتمثل في (ما هي الأشياء التي تسهم في منع وصول الأفكار السلبية إلينا)؟ الثانية تتمثل في (كيف نتخلص من الأفكار السلبية التي تجتاحنا وتسيطر علينا)؟ قبل الحديث عن الأفكار السلبية ومسبباتها وعن طرق التخلص منها وعن كيفية وضع الحواجز دونها يحسن بنا أن نتحدث عن العلاقة القوية بين الثقة بالنفس وبين الأفكار الإيجابية، وفي المقابل بين الأفكار السلبية وبين الضعف والخور في الشخصية، حيث إنه كلما قويت ثقة الإنسان بنفسه وكملت ثقته في قدراته وما يتحلى به من سمات وصفات ومواهب كلما كانت شخصيته إيجابية وكانت كذلك أفكاره إيجابية عن نفسه وكان أيضاً إيجابي النظرة إلى الآخرين، وكلما
كانت ثقة الإنسان بنفسه ضعيفة مهزوزة كلما كانت أفكاره السلبية تفوق عدد دقات القلب في الدقيقة الواحدة، ولذا توقف قليلاً عزيزي القارئ واسأل نفسك (هل أنت واثق من نفسك)؟ من قدراتك؟ من مواهبك؟ هل أنت راض عن نفسك؟ هل أنت تتقبل نفسك كما هي؟ هل تمتلك رؤية معتدلة في تقييم الأمور العامة في واقعك ومجتمعك أم أنك متخبط ومتردد غير ثابت على حال؟ ثم هل أنت متأكد من جميع إجاباتك؟ أتح لنفسك فرصة للتأمل! إن كانت الإجابة بنعم أي أنك واثق من نفسك وقدراتك ومواهبك ومتقبل لنفسك كما هي وعالم بمواطن العيب فيها فأنت تسعى إلى التقويم وعالم بمواطن القوة فأنت تسعى إلى المزيد فهنا أبشرك أنك قطعت من رحلتك نحو تفكير ايجابي بناء والتخلص من أفكار سلبية قليلة منزوية في ذهنك وعقلك لن تجد صعوبة أبداً في إقصائها وإبعادها، أما إن كانت الإجابة بلا!!! فهنا يجب أن تعلم أن أمامك مشواراً طويلاً يتطلب تركيزاً وهمة عالية حتى تصل إلى هدف سام هو التفكير الايجابي الخلاق هنا يجب أن نشير إلى موضوع مهم وهو ما ذكره هاورلد شيرمان وغيره من الباحثين المتعمقين في التفكير الإيجابي الخلاق والإبداعي يتلخص هذا الأمر في أن مراقبة الأفكار والسيطرة على الخواطر هي مهمة شاقة
وليست أبداً سهلة وكمية الأفكار والخواطر التي ترد علينا لا شعورياً كمية هائلة ولذا نحن نملك مراقبتها واقصاء السيىء منها وقبول الجيد منها، أما قضية السلامة منها فهو أمر لا يقدر عليه! تذكر دائماً وأبداً ان مراقبة الأفكار مهمة ضرورية وليست اختيارية ووصولك إلى انسجام داخلي وثبات وتماسك بناء لا يأتي نتيجة صدفة محضة هل شعرتم يوماً من الأيام أنه لا توجد قوة في العالم تستطيع أن تغير من ثباتكم هل مر بأحدكم أن أحس أن بداخله ثقة وشجاعة ولو لفترة خمس دقائق لكنه أحس حينها بجمال الثقة وبهاء الشجاعة وروعة التماسك. هل مر أحدكم بحالة نفسية شعر وقتها أنه مسيطر على عاطفته ومتحكم في مشاعره فلا تذهب بها الرياح وتميل به الأهواء حيث تميل؟ إن السلام الداخلي يجعلك أنت بنفسك وحدك من يتحكم في الموقف.... إنها غاية صعبة المنال وتتطلب منا الجهد حتى نصل إليها. ليس من السهولة أن نتحكم في مشاعرنا ونوجهها حيث نشاء، لأننا أحياناً نفقد السيطرة لقوة الموقف وصعوبته لكن الذين يتمتعون بالسلام الداخلي لديهم ما يمكن أن نسميه استعادة التحكم فهم يتميزون عن غيرهم من الناس أنهم وإن كان للمواقف التي يواجهونها تأثير عليهم لكن لا يسترسلون خلف هذه المواقف إلى
المجهول الذي لا يعلمونه بل سرعان ما يعيدون للمركب توازنه وللسفينة ثباتها حتى لا تغرق في لجج البحر وهو هنا بحر التيارات الفكرية التي ربما كانت مليئة بالسلبية وما يشل حركتك ولو قلنا أن من أهم صفات الشخصية الإيجابية بعد الثقة هي الثبات والتماسك لأصبنا عين الحقيقة، وفي المقابل إن التردد والانسياق خلف الانفعالات والأفكار والعواطف التي تبعدنا عن التماسك بسهولة هو الخطر الحقيقي الذي يسبب الأفكار السلبية ولو قلنا(ما التفكير السلبي؟) إنه باختصار التشاؤم في رؤية الأشياء، المبالغة في تقييم الظروف والمواقف، إنه الوهم الذي يحول اللاشيء إلى حقيقة ماثلة لا شك فيها، وهذا بخلاف التفكير الإيجابي الذي هو التفاؤل بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان إنه النظر إلى الجميل في كل شيء إنه منهج حياة قائم بذاته وهناك معاهد متخصصة مهمتها فقط التدريب على التفكير الإيجابي ولذا كان من أول أسباب التفوق والنجاح هو الإيجابية في التفكير الأفكار السلبية تجتاحنا إثر مواقف تحدث لنا في البيت والأسرة والمدرسة والعمل.... وكما ذكرنا حين لا نكون على ثقة تامة بأنفسنا وحين نكون مترددين ومهيئين للركض خلف كل انفعال عاطفي وجاهزين للانسياق خلف كل موقف وما يجره
من ردات فعل سلبية تحدث في دواخلنا آثاراً ندفع نحن ثمنها فيما بعد! ولا شك للحظة كما أنني أيضاً على يقين تام أننا في أغلب الأحيان ننفعل وننجر خلف كل هذه المواقف السلبية ونصدق أيضاً أفكارنا السلبية عن أنفسنا أو عن الآخرين ولو تأملناها قليلاً لتيقنا أننا كنا نضخم الأمور ولا نتعامل أبداً معها بروية وموضوعية
هنا أسباب تؤدي إلى التفكير السلبي أو إلى أن يكون الإنسان ذا تفكير سلبي منها:أ- الانتقادات والتهكم الذي ربما يتعرض له الفرد من محيط أسرته أو عمله أو أقاربه...
ب - كما أسلفنا ضعف الثقة بالنفس والانسياق السريع خلف المؤثرات والانفعالات الوجدانية والعاطفية والاسترسال دونما روية مما يبعدهم تماماً عن الثبات والهدوء اللذين يمهدان لشخصية إيجابية الفكر والسلوك.
ت - تركيز الإنسان على مناطق الضعف لديه ومن ثم تضخيمها حتى تصبح شغله الشاغل.
ج - عقد المقارنات بين الفرد وبين غيره من الذين يتفوقون عليه مع تجاهله لمواطن القوة والتميز لديه.
ح - المواقف السلبية المترسبة لدى الفرد منذ صغره.
خ - الحساسية الزائدة لدى البعض من النقد أو من التوبيخ.
د - الفراغ وكفى به داء وكفى به سبيلا يسيراً للأفكار السلبية فعدم وجود أهداف عظيمة وطموح لافت لدى الفرد يشغل عليه تفكيره ويحدده في نقاط معينة يسعى إلى صنعها ورؤيتها في واقعه من شأنه أن يوجد فراغاً فكرياً كبيراً.
ذ - تضخيم الأشياء فوق حجمها وعدم تفهم المواقف بعقلانية وهدوء.
ر - اتخاذ أصدقاء سلبيين في أفكارهم ونظرتهم ولا أحد يشك في تأثير الصديق.
ز - ابتعد عن كل ما من شأنه أن يصنع أفكاراً سلبية لاحقيقة لها في الواقع ومن ثم يدحضها الفرد بل يرى أنها حقيقة وهذا ناتج ولا شك عن شخصية تعيش فراغاً وانعداماً للثقة.
س - الخوف والقلق والتردد يصنعان شخصية مزدحمة بالأفكار السلبية.
ش - مشاهدة البرامج أو الأفلام أو قراءة مقالات تحمل طابعاً سلبياً فإن لذلك أكبر الأثر.
ص - الاكتتاب والسوداوية في رؤية الأمور

والمواقف أما طرق التخلص من الأفكار السلبية فنجملها في الآتي:

1- تحصيل الثقة بالنفس أولى خطوات الخلاص من التفكير السلبي، تأمل ذاتك جيداً ستجد الكثير من المواهب والقدرات التي حباك الله إياها لكنك تصر على رؤية عيوبك وتضخيمها وتركز على مثالبك وتتأملها وهنا يكمن الخطر.
2- الهدوء والاسترخاء أمر ضرورية ومهم لاستعادة التوازن النفسي والذهني والعاطفي.
3- تذكر أن مراقبة أفكارك منهج حياة كامل يجب أن تتمثله وتسير عليه قم بإقصاء كل فرة سلبية ترد عليك لأن الفكرة التي ترد على الإنسان مع الوقت تصبح إرادة ومن ثم تصير فعلاً حتى تستحكم عادة فانتبه من أول الطريق.
4- تذكر أيضاً أن الثبات والانسجام الداخلي ضرورة لكل من أراد بناء شخصية إيجابية ولا تنس أن الوصول إلى هذه الأهداف لا يأتي في يوم وليلة، أمامنا الكثير حتى نصل.
5- لا بد من وجود أهداف سامية علمية وعملية تسعى وتجد للوصول إليها، فالفراغ خير صديق لكل ما هو سلبي.
6- خالط الأشخاص الإيجابيين وتعلم منهم.
7- شارك في دورات علمية ومهارية تكتسب منها مزيداً من الثقافة والعلم في مجال فن النجاح أو فن التفكير الإيجابي.
8- إياك والانطواء على الذات فالعزلة احياناً مرتع خصب للأفكار السلبية.
9- حذار من الوهم حاول دائماً أن تميز بين ما هو حقيقة وبين ما هو خيال.
10- إياك والاسترسال مع الانفعالات واحذر من الغضب وتماسك قبل أن تقدم على أي تصرف حتى لا تعيش رهين أفكار نشأت من ردات فعل متسرعة.
11- راجع نفسك دائماً وقومها واعرف ما لها وما عليها وما هو من طاقتها وما هو فوق ذلك.
12- ابدأ صباحك بعد ذكر الله بابتسامة ملؤها الرضى والغبطة فذلك عظيم الأثر.
13- احرص على نفع الآخرين ومساعدتهم ومد يد العون لهم فإن صدى هذا الخير يرجع إليك وأثره ينالك لا محالة.
14- لا تركز على مثالبك وعيوبك، امسك ورقة وقلماً واكتب نقاط القوة لديك حتماً ستتغير نظرتك.
15- ابتعد عن كل فكرة أو خاطرة علمت مسبقاً أنها تقودك إلى حالة سلبية.
16- إذا اجتاحتك الأفكار السلبية أو خاطرة تشاؤمية أبق هادئاً واسترخ وتأمل بعين الموضوعية حتماً ستجد أنك كنت تبالغ وتعطي الموضوع أكبر من حجمه.
17- تذكر أن التفاؤل سبيل عظيم نحو السعادة الداخلية فلا تحرم نفسك إياه فقط انظر إلى الجانب المشرق والجميل في الأشياء.
18- تعلم فن التجاهل للأفكار السلبية قل دائماً (وماذا إذا)؟؟ امض في طريقك ثابتاً هادئاً الأمر ليس سهلاً لكن الوقت بإذن الله كفيل أن يوصلك إلى هذا الانسجام الداخلي الرائع
في الدر المنثور عن أم سلمة أن رسول الله (ص) قال لفاطمة:اتيني بزوجك وابنيه فجاءت بهما فألقى رسول الله (ص) عليهم كساء فدكيا ثم وضع يده عليهم ثم قال:اللهم ان هؤلاء أهل محمد-وفي لفظ آل محمد-فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل ابراهيم انك حميد مجيد.قالت أم سلمة:فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي وقال:انك على خير. وقد رواه في غاية المرام عن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه باسناده عن أم سلمة،فيه أخرج بن مردويه عن أم سلمة قالت:نزلت هذه الآية في بيتي (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وفي البيت سبعة جبريل وميكائيل وعلي وفاطمة والحسن والحسين وأنا على باب البيت ،قلت يا رسول الله ألست من أهل البيت؟قال انك على خير انك من أزواج النبي.وفيه أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أم سلمة زوج النيس (ص): كان ببيتها على منامة له عليه كساء خيبري فجاءت فاطمة ببرمة فيها خزيرة فقال رسول الله (ص): ادعي زوجك وابنيك حسنا وحسينا،فدعتهم فبينما هم يأكلون اذ نزلت على رسول الله (ص) (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)،فأخذ النبي (ص) بفضلة ازاره فغشاهم اياها ثم أخرج يده من الكساء وأومأ بها الى السماء ثم قال:اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا،قالها ثلاث مرات.قالت أم سلمة: فأدخلت رأسي في الستر فقلت يا رسول الله وأنا معكم؟ فقال انك الى خير مرتين. وروي الحديث في غاية المرام عن عبد الله بن أحمد بن حنبل بثلاث طرق عن أم سلمة وكذا عن تفسير الثعلبي.وفيه أخرج ابن مردويه والخطيب عن أبي سعيد الخدري قال:كان يوم أم سلمة أم المؤمنين فنزل جبريل الى رسول الله (ص) بهذه الآية(انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (يتبع)

بارك الله فيك اخي الكريم على كل هذه التوضيحات،وتيقن أن الكثيرين لن يعجبهم ردك هذا،لأن المخزن شوه صورة رجل التعليم في أذهان العامة وحتى الخاصة،وجعل منهم المشجب الذي يعلق عليه كل مآزقه وتخبطاته؛والأمر كله الغاية منه أمنية؛فبدل أن ينتفض المواطنون الضعفاء ضد المسؤولين الحقيقيين عن الأزمة التربوية،ترى المخزن يسعى حثيثا لتوجيه أصبع الاتهام الى نساء ورجال التعليم. وهنا يحق لنا أن نسأل ألم يكن تعليم الأمس أفضل بكثير من تعليم اليوم؟ طيب،ألا يرجع الفضل في ذلك لمغاربة؟ أم سينسبونه لجهة أو لمبررات أخرى؟ أذا كان الفضل في ذلك يعود لرجال ونساء التعليم المغاربة فما الذي تغير اليوم يا ترى؟ واذا كان الفضل لا يعود أليهم فكيف نحملهم اليوم الوزر الكامل لهذه المهزلة؟؟( طاحت الصمعة علقوا الحجام!)
صحيح أن البعض لا يقوم بواجبه على أحسن ما يرام،وهذا قليل اذا ما قارناه بالعدد الكبير للعاملين في حقل التدريس،وكما يقال بالدارجة:"حوتة وحدا تخنز شواري".
ولنفرض جدلا أن رجال التعليم لا ضمير لهم ولا يقومون بواجباتهم كما ينبغي..فهل الدولة عاجزة عن تقويم الاعوجاج والقيام بدورها الفعال في المراقبة والتأطير؟ أين هي الهيئات التربوية المراقبة وأين غاب دورها؟؟ ألهذا الحد ترى الدولة المنظومة التربوية برمتها تنهار،وترى المسؤولية كاملة في أعناق المدرسين ولا تتدخل وتكتفي فقط بتحريض المغرضين والمشعوذين والدجالين ضدهم؟!! هذا أمر غاية في السخرية والسخف.
واقع الحال أن المخزن يريد نفض يديه مطلقا من التعليم،والطريقة المثلى- ليتقي شر ردود الفعل التي قد تأتيه بما لا يحتسب-هي العمل بمقولة: كم من أزمة أدرناها بتركها تستفحل. فتقاعس الدولة عن القيام بواجبها،الهدف منه أن يصل التعليم الى الحضيض،ليفر المغاربة بأبنائهم الى التعليم الخصوصي بهدوء وهم كارهون،ويؤدون الضريبة بطريقة غير مباشرة...تلك الضريبة التي كانت ستؤدى في يوم من الأيام...لكن ولأسباب أمنية دائما،تراجعت الدولة عن الفكرة،واختارت طريقا ماكرا لتجعل المواطنين يؤدونها "بزز منهم"،لكن للأسف معتقدين أن السبب في ذلك هم نساء ورجال التعليم!
في الأخير أختم: مادام زمام الأمور في يد الأجنبي والبنك الدولي،والله لن تقوم للتعليم ولا للمغرب قائمة،وتذكروا قولي جيدا...