الخميس، 27 نوفمبر 2008

افراز طبيعي لأزمة حقيقية

هذا ان دل على سئ فانما يدل على الحالة المأساوية التي أصبحت تعيشها المؤسسات التربوية والمنظومة التربوية برمتها،وتعكس فيما تعكسه الذل والمهانة التي أصبح رجال التعليم عرضة لهما من طرف حتى أبسط الناس في المجتمع ناهيك عن رجال المخزن الذين لا يردعهم رادع ولا يوقفهم وازع عن ممارسات شاذة وعدوانية في حق شريحة واسعة من موظفي الدولة كان الاولى والاجدر أن يحاطوا بعناية فائقة واهتمام بالغ بما لدورهم من أهمية في تربية الأجيال واخراج المجتمع من حالة التغول والتوحش الى حالة التحضر والمدنية والوعي،هؤلاء الذين يسهرون على صناعة الانسان الواعي المنفتح،الفاعل في مجتمعه وأمته.لكن يبدو أن كل هذه المهام التي يقومون بها لم تعد تعني شيئا بالنسبة للمخزن ولا حتى للمجتمع الذي بدوره انساق مع المخزن في نظرته وتصرفاته الرعناء تجاه هذه الشريحة التي وجب تقبيل أيدي أفرادها فردا فردا.لقد نسي كل هؤلاء الهمج من رجال السلطة أن ما وصلوا اليه من مراتب اجتماعية عالية يتقاضون من خلالها رواتب تفوق المعقول،لم تتأت لهم الا بفضل المدرسة والمدرس،ولولاهما لكانوا خماسين أو حمالين في الاسواق...فصحيح أن البغل لا يستحيي من ركل صاحبه،وصحيح القول:اتق شر من أحسنت اليه.انه لمن الطبيعي أن تترك الدولة الحبل على الغارب في مثل هذه الممارسات حتى ترفع من حالة اليأس والتذمر من المدرسة العمومية، لتستفحل الأزمة أكثر...ثم تنفجر فيكون الحل تلقائيا في الخوصصة،وحمل الناس على مغادرة التعليم العمومي والالتحاق بالتعليم الخصوصي،وهي العصا السحرية التي ترتجي السلطات الضرب بها لحل معضلة التعليم في هذا البلد السعيد!لا يمكن بتاتا أن تقوم للتعليم قائمة ما لم ترجع لرجاله وأطره كامل الكرامة المعنوية قبل المادية؛ولا يمكن للمجتمع أن يعول كثيرا على رجال التعليم،وهم يعملون في ظروف قاهرة ومزرية أصلا ثم تنضاف فوق هذا "الزرواطة" المخزنية أو غير المخزنية فوق رؤوسهم،هذا جو ارهابي مرعب يعاكس تماما طبيعة العملية التربوية التي تتطلب الهدوء والمناخ المريح نفسيا وجسديا لانجاز المهمة على أحسن وجه،والا فالبديل هو فضاء من الاعتداءات والارهاب والتصرفات الخرقاء يكون ضحيتها المدرس،وتنعكس لا محالة على عطائه وحماسته وفعاليته.فماذا تنتظر من مربي تعرض لاهانة من ضرب أو تعنيف في القول أو سب أو ما شابه ذلك؟ وهل ستبقى ثمة نفسيةأو روح ايجابية لديه ليعطي المزيد مما عنده ويجتهد فوق طاقاته لخدمة مجتمعه ووطنه؟!