الاثنين، 8 سبتمبر 2008

لماذا الحرب على التشيع...؟؟

أعتقد أن هناك خللا ما في التعاطي مع ظاهرة التشيع في المغرب،بل ربما في كل بلاد المسلمين السنية.أين يكمن هذا الخلل؟
1-مواجهة المد الشيعي كفكرة من الأساس،اذ التشيع هو التحول من مذهب الى مذهب آخر في اطار نفس الدين الاسلامي وليس هو انتقال الشخص من دين الى دين؛هناك فرق.مع العلم أن الاسلام نفسه يبيح ذلك،بل ربما يبيح حتى الانتقال من دين الى دين آخر (لا اكراه في الدين).
2-من هم الذين يثيرون هذه الزوبعات حول التشيع ولماذا؟!
هم أتباع السلفية المتنطعة وعلى رأسهم التيار الوهابي المتشدد المعروف بعداوته للشيعة ولأتباع أهل البيت قديما وحديثا.فهؤلاء جميعا هم من يقيمون المعارك الكبرى حول أتفه الجزئيات وأسخف المواضيع أحيانا اذا تعلقت بالشيعة،في حين لا نرى لهم أثرا ولا نسمع لهم صوتا عندما تكون الأمة في صلب المعارك الحقيقية،وفي مواجهة التحديات المصيرية الكبرى.هذه سموم الحقد تجاه أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام زرعها بعض الأوائل،ممن تخرجوا من مدارس ومعاهد سلاطين بني أمية،وتكفل الذين من بعدهم بترسيخها جيلا بعد جيل حتى وصلتنا في هذه الطبعات المتطرفة التي نشهدها اليوم في البلاد الاسلامية وحتى خارجها.كما لا يجب أن ننسى دور أعداء الأمة الآخرين في الداخل والخارج،حيث يسخرون جميع امكانياتهم لزرع الفتن بين مختلف طواءف الأمة ومذاهبها حتى تلهيها عن المعارك الحقيقية،وهذا أسلوب استعماري خبيث،اذ عندما يعجز عن تحقيق أطماعه الكبرى،يلجأ لاشعال الفتن والنعرات والحروب الأهلية،ولا يجد لذلك من محرك أفضل من الضرب على الوتر الديني من زاويته الطائفية والمذهبية،نظرا لحساسيتها المفرطة،وخاصة موضوع الشيعة والسنة!
فاذا ألقينا نظرة على كل من أثاروا الانتباه الى ظاهرة التشيع بالمغرب،وملؤوا الدنيا صراخا حولها...نجد أنهم لا يخرجون عن هذه الأصناف التي ذكرتها.والهدف كما ذكرت ليس خوفا على الدين وخدمة للمغاربة المسلمين المتسامحين المسالمين وانما هو مجرد تصريف وتفريغ لحقد دفين مستحكم في النفوس تجاه الشيعة ويمتد الى الوراء حتى العصور الأولى للاسلام.والا لماذا لا يتصدون للتنصير مثلا بنفس الحدة والحماسة ؟؟! الجواب ببساطة هو أنهم يعتبرون الشيعة أكثر خطرا على الاسلام من اليهود والنصارى!!! وهم في هذا يرددون ما قاله شيخهم قديما ابن تيمية حول الروافض ،رغم أن هناك فرقا شاسعا بين الشيعة والروافض!
3-البديل للتشيع ماذا سيكون ؟؟
جرب المغرب المد السلفي الوهابي في العقود الماضية،حيث كانت الساحة مفتوحة لهم يصولون ويجولون فيها كما أرادوا...وماذا كانت النتيجة؟! فكر متطرف شاذ،زرع للفتن والحروب الكلامية مع تيارات اسلامية أخرى عاملة في الساحة...ثم الأدهى والأمر ارتكاب أعمال اجرامية وصلت حد استعمال السلاح والمتفجرات كالذي حدث في البيضاء ومكناس ومناطق عدة...اضافة الى انتشار خلايا للارهاب في كل مكان منها ما ينشط ومنها ما هو نائم؛حتى أصبحت الدولة في محنة معها يوميا ،ما أن تفكك خلية حتى تظهر خلايا أخرى...فالى أين المسير؟؟!!
وفي اطار البحث عن البديل نرى تركيز الدولة حاليا على اسلام الدروشة،اسلام التصوف الطرقي مع تسليط الأضواء على أحد رواد ه بالمغرب الشيخ البودشيشي حمزة .فهل هذا النوع من الاسلام سيشفي غليل جميع المغاربة،وهل فعلا هي طريقة لخلق انسان مغربي عصري و فعال في مجتمعه؟؟!!
4-الصورة الت يثرسمها الوهابيون وبعض السلفيين من أمثال هذا الزمزمي (الذمذمي) عن الشيعة هي صورة غير حقيقية تماما،ومغلوطة الى ابعد حد،هي صورة نمطية وموروثة كما قلنا منذ فترة ما بعد الخلافة الراشدة، وتتحدث عن ما كان يعرف بالروافض آنذاك،وهذه التسمية لا علاقة لها بحركة التشيع ،وانما لها أسبابها وخلفياتها التاريخية يمكن الرجوع اليها ومناقشتها فيما بعد.
فالمطلوب اذن هو القراءة الموضوعية والعلمية لمذهب التشيع بكل مقوماته وركائزه، والنظر فيما اذا كان فعلا يشكل دلك الخطر المحدق كما يصور بعض المغرضين لأسباب ذكرناها ،أم أنه مذهب كباقي المذاهب قد يختلف عنها في بعض التفاصيل الفقهية أو بعض الاجتهادات العقدية او غير ذلك من الجزئيات التي لا تذهب بصحة المذهب.
ان الممقوت والمرفوض قطعا هو الارهاب والقتل وتكفير المسلمين لأسباب ما أنزل الله بها من سلطان!وهذا ما ينبغي فعلا التصدي له ومحاربته لأنه ليس من الاسلام في شئ.ليس المشكل في تعدد الطوائف وانما المعضلة هي في تكفيرها لبعضها البعض.
5-وأخيرا هل طريقة التصدي هذه ناجعة ويمكن أن تؤتي ثمارها كما يؤمل في ذلك؟؟أظن أن الفكر والمعتقد لا يعترف لايعترفان بالحدود،فهي من الأمور التي تطرق الأبواب على أصحابها بدون استئذان وبالتالي لا يمكن ايقافها ولا التصدي لها بأي حال من الأحوال.أما طريقة التعتيم والتغليط وخلق جو من الضبابية حولها...فربما يأتي بنتنائج عكسية،لأننا في عصر المعلومة،وكل الناس ترغب في استقاء المعارف والعلومات من مصادرها وترغب كذلك في معرفة وجهة نظر كل طائفة...وهنا ربما تبدأ رحلة البحث عن المسكوت عنه وعن المكذوب حوله...وقد تنتهي الرحلة بما لم نكن نتوقعه
!

ليست هناك تعليقات: